بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
قَالَ ابنُ مَنظُور في بَيانِ معنَى(الخُلُوف): «الخُلُوف تَغَيُّرُ طَعْمِ الفَمِ؛ لتأَخُّرِ الطَّعَامِ، ومِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، حِينَ سُئل عَنِ القُبْلة للصَّائِمِ فَقَالَ: ومَا أَرَبُك إلى خُلُوف فِيهَا؟»([1]).
ومعنَى الحَدِيث، أنَّ السَّائلَ أرادَ الاسْتفسَارَ عنِ القُبلةِ لمن كَانَ صَائمًا، فأجابَ الإمامُ (عليه السَّلام) بجملةٍ استفهاميَّةٍ تَصدَّرتْ بِأدَاةِ الاستفهَامِ (ما)، الَّتي تَختصُّ بغيرِ العَاقِل، بَعدَهَا جَاءَ بالمُستَفْهَمِ عنه(أَرَبُكَ)، وتَعنِي في اللُّغةِ: الحَاجَة، قَالَ ابنُ فارس: «الهَمْزَةُ والرَّاءُ والبَاءُ لَهَا أَرْبَعَةُ أُصُولٍ إِلَيهَا تَرْجِعُ الفُرُوعُ: وهِيَ الحَاجَةُ، والعَقْلُ، والنَّصِيبُ، والعَقْدُ. فَأَمَّا الحَاجَةُ فَقَالَ الخَلِيلُ: الأَرَبُ: الحَاجَةُ، ومَا أَرَبُكَ إِلَى هَذَا، أَيْ: مَا حَاجَتُكَ. والمَأرَبَةُ والمَأرُبَةُ والإِرْبَةُ، كُلُّ ذَلِكَ الحَاجَةُ»([2])، والخُلُوفُ، تغيُّرُ رائحةِ الفم، قالَ الزَّبيديّ: «الخُلُوفُ، بالضَّمِّ، بِمعنَى تَغَيُّرِ الفَمِ هُو المَشْهُورُ، الَّذي صرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ اللُّغةِ»([3]).
وبِهذا يَكونُ المعنَى (ومَا حَاجتُكَ إلى القُبلةِ إذَا تَغيَّرتْ رَائحَةُ الفَمِ)، ويُفهمُ من سِياقِ الجُملةِ النَّهِي عن القُبلةِ للصَّائمِ علَى وجهِ الكَرَاهِية؛ لأنَّها لمْ تَكنْ مِن المُفطِراتِ للصَّائِمِ، وهذا الحديثُ لم يردْ فِيما جمعَه الشَّريفُ الرَّضيّ.
2ـ التَّوبيــخُ أو التَّبكيتُ، ونعني به «الملامةَ، وبَّختُــهُ بسوءِ فِعلِهِ»([4])، أي: لُمْتُه علـــى ذلك الفعلِ، وهو مِن المعَانِي الَّتي يَخرجُ إليهَا الاستِفهامُ([5]))([6]).
الهوامش:
([1]) لسان العرب(خلف): 9/93.
([2]) المقاييس (أرب): 1/89.
([3]) تاج العروس (خ ل ف): 23/266.
([4]) العين(وبخ): 4/315.
([5]) ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة:3/79، وجواهر البلاغة: 78.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 144-145.