الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة والتسليم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه المنتجبين.
لا ريب في أن حصد التميز في الأعمال العلمية من نتائج الجدية في العمل، ولعل ذلك لا يكون إلا في ظل الاستمرار في البحث عما هو جديد ونافع وصالح في سوق العلم، فالعلم يوم بضاعة تتزاحم فيها أقلام المبدعين وتفرض نفسها بنفسها على القاريء لأن يقتنيها ويتدبرها في ظل سوق يعرض فيها شتى الملهيات وأنواع المعارف التي قد تجعل فرص البقاء غير مواتية لكثير من الأعمال العلمية، ومنها المجلات العلمية، ومن هنا تسعى دائما سياسة مجلة المبين بأسرتها كافة في البحث عما يميزها بين أنواع المجلات التي تقدم المادة المعرفية، ولذلك اعتمدت المجلة الأسس الآتية في عملها:
أولًا: محاولة المزج بين الأصالة والمعاصرة في تقديم المادة المعرفية أو قل عصرّنة التراث وتكييفه مادة طيعة سهلة بين يدي القاريء.
ثانيًا: ردم الفجوة بين الماضي والحاضر أمام النشئ الجديد، وتعريفه بقيمة تراثه وعظمة هويته المعرفية وان التخلف في الحاضر لا يعني أن نعيش على هامش الحياة من دون هوية.
ثالثًا: إثراء الساحة المعرفية بالأقلام العلمية الواعدة التي تتمكن من مواكبة مشكلات العصر ومحاولة تقديم الحلول لتعقيداته ومعضلاته.
رابعًا: تسعى المجلة في عرض ما يمس حاجة المجتمع وإثارته لإيجاد الحلول الواقعية قدر المستطاع، لذلك وضع ملف خاص لكل عدد يتضمن معالجات أدبية أو إدارية أو سياسية أو تاريخية، ومن هنا تضمن هذا العدد برمته معالجة الأمن الاقتصادي وإثرائه بأقوال أهل البيت ولا سيما سيدهم أمير المؤمنين عليهم السلام.
ولا أبالغ إذا قلت إن سر ديمومة مجلة المبين مستمد من ثراء المعارف المحيطة بشخصية أمير المؤمنين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام فهؤلاء هدايا الله إلى الإنسانية لا يعرف اكتشاف دررهم إلا الغواص الماهر الذي أعد عدته لاستخراج الكنوز من قعر بحارهم المعرفية في التفسير وفي النقد والفقه والتشريع واللغة، وما المجلة إلا الوعاء الذي يحوي الفكر الرصين، وما هي إلا الوثيقة التي تقدم للأجيال اللاحقة عمل العاملين وإبداع المبدعين.
وهنا نعيد الكرّة في توجيه الدعوة إلى مزيد من الجدة والابتكار في مختلف مجالات المعرفة، فما يزال الفكر الخاص بآل البيت المحمدي صلوات الله عليهم بحاجة إلى من يثوره ويقدمه زادا معرفيا لأبناء هذا العصر، وما يزال مجتمعنا بخاصة محتاجا إليهم على صعيد التأصيل الأخلاقي وتطبيقاته، والتوجيه التربوي وتسديداته، وتقنيات الإدارة الصحيحة للأسرة والمجتمع، وإعادة بناء الفرد والمجموع، في ظل عالم يموج بالدعوات إلى الابتعاد عن النقاء والصفاء وذوبان الروح في الله، وإحلال محله الاشتغال بالملهيات عما يطور الفرد بعالم اللعب وتضييع الوقت.
هذا هو العدد الثالث عشر صدر ولله الحمد في ظل ظروف صحية عامة تعسر إنجاز ما هو جديد وتعقد ديمومة مسيرته، ولكن الله يسر لنا الاستمرار في البحث والتقويم والتحكيم ثم الطباعة ونشره، وكلها معالجات ليست هينة لمن خبر العمل في المجلات الرصينة، وعرف معنى مسؤولية تقديم الدراسات العلمية الناضجة القيمة للساحة المعرفية.
وبذلك التوكل على الله تعالى نعقد العزائم وهمنا بناء الإنسان كما أراده الله تعالى ورسله وأولياؤه صلوات الله عليهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين بدءا وختاما.