الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره وسببا لآلائه، والحمد لله الذي من علينا بنعمة الإيمان وجعلنا من موالي سيد الأنام وآل بيته الكرام صلوات الله عليهم أجمعين.
كان من نعم الله علينا فيما مر من السنتين الأخيرتين أن استمر عمل المجلة وتقييم البحوث وإصدار الأعداد على الرغم من التحديات الصحية القاهرة التي أصابت العالم عامة والبلاد خاصة، فأفقدتنا أحباءنا وغيرت أسلوب حياتنا الاجتماعية والعلمية، غير أن الإنسان المؤمن عليه أن يجتهد في أدائه على أمثل ما يكون ويبتكر آليات عمل جديدة على مختلف الصعد، ومنها المجالات العلمية فعجلة الحياة لا تتوقف.
وكان من فضله تعالى صدور العدد الجديد (الخامس عشر) من عمر مجلة المبين منتهجين أسلوب اعتماد الأقلام الرصينة والبحوث النافعة ضمانا لسيرورة العمل النوعي وتواصلا مع كتابنا وطلاب المعرفة، فكان أن بلغنا بهذا العدد السلسة الجديدة للمجلة، في ظل خدمة تراث أمير المؤمنين عليه السلام وكتابه الخالد نهج البلاغة.
وإن مما يسر أن يجتهد الباحثون دائما في البحث عما هو جديد قدر المستطاع في هذا الإرث الخالد الذي يستقي من القرآن الشريف لذلك لا ينضب مهما نهل منه الباحثون وكتب فيه أهل العلم، ونسعد أن نقدم شيئا مكملا لما سبق من الأعداد الماضية للمجلة لأننا نعتقد أن العلوم المختلفة التي تتبنى سياسة مجلة المبين نشرها تكمل بعضها بعضا وإن كنا طموحين في التركيز أكثر على الجوانب التطبيقية العلمية المحضة في علوم الصحة والجيولوجيا والفلك ونحو ذلك في الأعداد القادمة إن شاء الله.
وهذا العدد الجديد تضمن موضوعات وعظية مختلفة مما حفل بها هذا الأثر العلوي الكبير، ومازج بين النظرية والتطبيق، وحاول الاقتراب كثيرا من مشكلات العصر، ومصطلحاته الإبلاغية والإعلامية، فجرى متنوعا منتقلا من منهج إلى آخر، ليثبت بشكل عملي علمي موسوعية نهج البلاغة وقدرته على توليد الفنون واستشفاف العلوم ورصد الظاهرة الجديدة، وهذا ما ننشده دائما في سياسة المجلة وهو تتبع القيم العلمية الجديدة المضافة إلى المكتبة والدارسين، ولعل تلك هي أهداف النشر وأسس المجلات الرصينة المحكمة التي تنشد تقديم الدليل وتبيان الحجة فقد حفل نهج البلاغة في تقديم البراهين الدالة والبينات الواضحة لكل ذي مسكة من عقل التي تثبت براعة منشئها وفرادته بل وعصمته عليه السلام.
ونستثمر المناسبة دائما في استنهاض همم الكتاب والمبدعين ونذكرهم بأن مجلتهم رائدة في هذا المجال فتدعوهم الى إغناء الدراسات العلمية بمثل ذلك، فسيرة أمير المؤمنين وكلامه المجموع فيه الغنى لما يبتغي المجتمع والجيل الجديد، وما على طلاب الحقيقة والباحثين إلا إعمال الفكر وتفعيل الأقلام بالدرس والتحليل والاستقصاء والاستنتاج والتعليل مما تحتاجه أجيال اليوم من فك عقد هذا العصر الذي نعيشه.ويشرفنا برغم التحديات القاتلة أن يطل العدد الجديد من عمر مجلة (المبين) من جديد لنضعه بين يدي القراء وطلاب المعرفة الحقة آملين أن يكون إضافة علمية رصينة في المكتبة العلوية، وأن يكون سبيلا لتشجيع الباحثين على تزويد المجلة بمزيد من نتاجاتهم المناسبة لسياسة المجلة وتوجهاتها في خدمتهم، والله تعالى ندعو ونسأل منه سبحانه السداد في خدمة العلم وأهله، فنحن نرمي إلى الأخذ بيد القارئ نحو الحقيقة وتجنب التكرار، ومحاولة تقديم الجدة دائما، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، والحمد لله رب العالمين.