الحمد لله أكمل الحمد، والصلاة على رسوله أتم الصلاة، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
بفضل الله تعالى يتم التواصل العلمي في إصدار المجلة التخصصية مجلة (المبين)، فهذا هو العدد السادس عشر من عمرها، الذي يرى النور، اجتهدنا فيه أن يكون من ضمن فصوله ملف خاص به حول الفكر الإداري في نهج البلاغة.
وإن مما تجتهد فيه سياسة المجلة البحث دائما عمّا هو جديد قدر المستطاع في هذا الإرث الخالد الذي يستقي المعرفة من القرآن العظيم، لذلك لا ينضب مهما نهل منه الباحثون، وكتب فيه أهل العلم، ونسعد أن نقدم شيئا مكملا لما سبق من الأعداد الماضية للمجلة؛ لأننا نعتقد أن العلوم المختلفة التي تتبنى سياسة مجلة المبين نشرها تكمل بعضها بعضا، وإن كنا طموحين في التركيز أكثر على الجوانب التطبيقية العلمية المحضة في علوم الصحة والجيولوجيا والفلك ونحو ذلك في الأعداد القادمة إن شاء الله.
وهذا العدد الجديد تضمن ملفًا ألقى الضوء على جانب مهم من الفكر العلوي الثر، وهو الفكر الإداري وخطوطه العامة، في إدارة الدولة، وسياسة المجتمع، مع الحفاظ على الثوابت المبدئية للعقيدة الإسلامية، ففي هذا التراث العلوي درر جامعة فريدة تلبي زاد الإنسانية في هذا المجال، فقد حفل فكرنا الإسلامي الخلاق في إثراء العقل وتنمية الذهن، وإعادة صياغة الإنسان كما أراده الله تعالى في أن يكون خليفته في الأرض، ولتفتتح بذلك بوابة من المعارف لا تنتهي حول الموضوع، ومما تجدر الإشارة إليه أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تصدوا كثيرًا لكل ما يؤكد وحدة المجتمع، وبناء الإنسان، وكان لعلومهم وتعاليمهم الأثر البالغ في رفد الزاد المعرفي للإنسان أيًّا كان توجهه، فهم زاد إلهي لا ينضب وقيمته في حاجة الإنسان الفعلية إليه دائمًا.
ومما استبطن تراثهم (عليهم السلام) من أسرار لم يتعلق بفنون القول فحسب، بل في رياداتهم المختلفة، فأمير المؤمنين علي (عليه السلام) كان وحدهُ أمة من العطاء وقيم النبل والإيثار، فقد رسم الاستراتيجية السليمة لقيادة الأمة، فله في ذلك إشارات سجلتها الكتب ووثقتها أقلام العلماء.
ومن هنا تسعى مؤسسة علوم نهج البلاغة وعبر مجلتها (المبين) إلى الكشف عن هذه الدرر العلوية الثرية بما يحتاجه عالمنا اليوم وأجيال أبنائنا من هذا السفر العجيب.
ونستثمر المناسبة دائما في استنهاض همم الكتاب والمبدعين ونذكرهم بأن مجلتهم رائدة في هذا المجال فتدعوهم الى إغناء الدراسات العلمية بمثل ذلك، فسيرة أمير المؤمنين () وكلامه المجموع، فيه الغنى لما يبتغي المجتمع والجيل الجديد، وما على العلماء والباحثين إلا إعمال الفكر وتفعيل الأقلام بالدرس والتحليل والاستقصاء والاستنتاج والتعليل مما تحتاجه أجيال اليوم من فك عقد هذا العصر الذي نعيشه.
يشرفنا برغم التحديات القاتلة أن يطل هذا العدد الجديد لنضعه بين يدي القراء وطلاب المعرفة الحقة التي تسعى لإضافة قيمة علمية في مكتبة المعارف العلوية وعلوم أهل البيت (عليهم السلام)، زادًا للنفس والعقل وتزكية للقلوب، والله تعالى ندعو ونسأل منه سبحانه السداد في خدمة العلم وأهله، فنحن نرمي إلى الأخذ بيد القارئ نحو الحقيقة وتجنب التكرار، ومحاولة تقديم الجديد دائما، راجين أن تكون مما يغني المكتبة بأعدادها الكثيرة المتنوعة، ومتوخين في ذلك إثراء المكتبة المعرفية وإغناء الدارسين بالبحوث الرصينة، وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه أنبنا، والحمد لله رب العالمين.