أصناف النَّاس في فكر الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، العالم الرباني أنموذجاً

سلسلة قصار الحكم

أصناف النَّاس في فكر الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، العالم الرباني أنموذجاً

27K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 21-04-2020

الباحث: محمد حمزة الخفاجي
اَلْحَمْدُ للهِ اَلنَّاشِرِ فِي اَلْخَلْقِ فَضْلَهُ وَاَلْبَاسِطِ فِيهِمْ بِالْجُودِ يَدَهُ نَحْمَدُهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِهِ وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ...
وبعد ...
يُقسم الامام عَلِيّ (عليه السَّلَام) الناس على ثلاثة أصناف: عالم، ومتعلم، وهمج رعاع، فمن كلام له (عليه السَّلَام) لكميل قال فيه: (يَا كُمَيْلَ ... الناس ثلاثة: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وهَمَجٌ رَعَاعٌ ...)[1].
فالصنف الأول هم (العلماء).
قوله (عليه السلام): (فعالم رباني).
ورد في اللغة: الربانيون أي الكاملون العلم والعمل، وفي الحديث : (لا علم إلا من عالم رباني)، قيل هو من كان علمه موهبيا وأمر الله بالأخذ عنه، وقيل الراسخ في العلم، وقيل الذي يطلب بعلمه وجه الله، وقيل: هو شديد التمسك بدين الله[2].
فالعالم الرباني: هو المربي المصلح الذي يعلم الناس ويرشدهم الى طريق الحق، والعالم بالحلال والحرام، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر،  قال تعالى : ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ }[3].
فلم يخل الله تعالى الدنيا من عالم يعتمد عليه في المسائل والأمور الدينية والتربوية فكل زمان وله عالم يستضاء بنور علمه، يقول الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام): (... ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج إليه الخليقة ...)[4]، وعنى بالعلماء الأنبياء والأوصياء والحجج الكرام (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وممن سار على نهجهم كالعلماء الأجلاء الذين أخذوا علمهم من آل النَّبيّ (عليهم السَّلَام) حتى صاروا الدَّليل إليهم.
قال أمير المؤمنين (عليه السَّلَام): (إنَّ النَّاس آلوا بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره وجاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده، قد فتنته الدنيا وفتن غيره ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة ثم هلك من ادعى وخاب من افترى)[5].
وعنه (عليه السَّلَام): (يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلّم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلّمون، وسائر الناس غثاء)[6].
فالعلماء هم آل بيت النَّبيّ (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) الذين أوجب الله طاعتهم واتباعهم، يقول الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): (... وقد جعل الله للعلم أهلا، وفرض على العباد طاعتهم بقوله: ﴿أَطِيْعُواْ اللهَ وَأَطِيْعُواْ الرَّسُوْلَ وَاُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[7]، وبقوله: ﴿وَلَوْ رَدّوْهُ إِلى الرَّسُوْلِ وَإِلى اُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُوْنَهُ مِنْهُمْ﴾[8]،  وبقوله: ﴿اِتَّقُواْ اللهَ وَكُوْنُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾[9]، وقوله: ﴿وَأْتُواْ البُيُوْتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾[10]، والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء، وأبوابها أوصياؤهم ...)[11].
وفي الختام نسأل الله التَّعجيل في فرج مولانا صاحب العصر والزَّمان ونسأله أن يثبتنا على دين الحق، إنّه أرحم الرَّاحِمِين...
الهوامش:
[1] - نهج البلاغة، خطب الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)، تحقيق: صبحي الصَّالح، الحكمة: 147.
[2] - مجمع البحرين، الشيخ فخر الدِّين الطريحي: 2/65.
[3] - آل عمران: 79.
[4] - الاحتجاج، الطبرسي: 1/368.
[5] - الكافي: 1 / 32.
[6] - وسائل الشيعة، الحر العاملي: 27/18.
[7] - سورة النساء: 59.
[8] - سورة النساء: 83.
[9] - سورة التوبة: 119.
[10] - سورة البقرة: 189.
[11] - الاحتجاج، الطبرسي: 1/369.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2605 Seconds