من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: الاستغناء عن العذر أعزّ من الصدق به

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: الاستغناء عن العذر أعزّ من الصدق به

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 28-11-2020

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((الاستغناء عن العذر أعزّ من الصدق به)).
التنبيه إلى أمر يكثر استعماله في المجتمع وهو كثرة الاعتذار مع أن الفرصة كانت مواتيه لئلا يحتاج الإنسان إلى ذلك بل يبقى عزيزاً ربماً لا يشعر بحاجته إلى إصلاح شيء تجاوز فيه.
ولو تنبه الإنسان لذلك ووعى هذه الفكرة جيداً فسيساعد -حتما- على تقليص حالات سلبية كثيرة في المجتمع من حواليه:
خلف الوعد، عدم الصدق، الاحيال، التجاوز على حق الغير، الاعتداء وعدم احترام الغير، عدم الأمانة...، مما يكثر حدوثها في مختلف المجتمعات إلا ما قل حتى عدنا نستغرب له لو سمعنا بأنّ إنسانً في مجتمع ما يلتزم بمواعيده أو لا يتجاوز على حق غيره أو يصدق في تعامله أو لا يحتال، مما تفتقده بعض المجتمعات  ولا نتجاوز لو قلنا منها المجتمع المسلم، وللأسف، مع أننا محصنون حيث بُرمجت حياتنا العلمية -خصوصاً- ببرنامج دقيق يضمن لكل الأطراف حقوقها المعنوية والمادية، وذلك من خلال النصوص الشرعية، ولكن لما تراجع البعض نتيجة الانشداد، والإعجاب، والإصغاء إلى من لا يستحق كل ذلك فآمنوا بوعود كلامية وهمية وتركوا ضمانات فعلي حقيقية، فحلّ بنا ما نرى، ألا يسمع -هؤلاء- قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}[1]، وهم يرون بعقولهم وعيونهم صدق وعده تعالى انه: {لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[2]، لأن كل ما حول الإنسان يؤكد هذه الحقيقة.
فيرى الإنسان المسلم ماذا حلّ ويحل بالكافر والمنحرف عن طريق الله تعالى.
كما يرى الإنسان الكافر ماذا يتم ويحصل للمسلم الذي حسنُ إسلامه بل ومن لم يحسن، لأن نِعَم الله تعالى، ودفع الله تعالى، وتدبيره، وتسديده، وتهيئته، كل ذلك مما يعجز عنه عقل عاقل بل وغيره من وسائل العصر الحديث الموصوفة بالدقة. وذلك لأمر بسيط جداً لأنه ترك سرّ ذلك إليه لا يعلمه غيره مهما كان فأننا نشاهد ونسمع ونقرأ عن اختراعات متطورة سواء أكان في بناء البشرية أم في تدميرها إلا أننا علمنا في ذات الوقت عجز المخترعين عن إيجاد سر الحياة وعن إعطاء حالة تشابه في مفعولها الروح؛ لأن ذلك مما اختص الله تعالى به. وهذا كله يدل على عظمته وقدرته مما يدعو إلى الإيمان بالله وعدم الابتعاد عنه.
فالمقصود من هذه الحكمة دعوة الإنسان إلى أن يستغني عن العذر والاعتذار بالالتزام وعدم التفريط لكي يبقى في موقع الرفعة فيحافظ على عزه. وهو أمرٌ يحرص على تحقيقه كل عاقل[3].

الهوامش:
[1] سورة الجن: الآية 16.
[2] سورة آل عمران: الآية 9.
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص75-77.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2541 Seconds