بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((التَوْحِيدُ: أن لا تَتَوَهّمَه، والعَدْلُ: أنْ لا تَتَهِمَه)).
من أصول الدين الإسلامي التي يجب على الإنسان أن يعتقد بها اعتقادًا قلبيًا راسخًا عن قناعة شخصية لا متابعة لأحد -لمجرد المتابعة- هو: أن الله تعالى واحد لا شريك له ولا مثال له ولا يصل إلى معرفة ذاته المقدسة أحدٌ مهما بلغ في مستواه العلمي، وأنّ الله تعالى لا يظلم ولا يحتاج إلى أن يتعدى على أحد من المخلوقين لأنّه الغني وهم الفقراء إليه ولأنّه الخالق لهم وهو المخلوقين المحتاجين إليه.
فالدعوة إلى أن يوّحد الإنسان ربّه ولا يتصور في لحظة ما أن معه شريكًا، وأن ينزّه الإنسان ربّه عن الظلم والتعدي والتجاوز على حق أحد مهما كان.
وبذلك يكون مسلمًا موحدًا ويبقى عليه أن يحافظ على ذلك عمليًا فلا ينخدع بأضاليل المضللين الذين يبغون جرف الناس للتوجهات المعادية مما ينتج الانحراف وتوهم التجسيم أو الكينونة في مكان ما كما يفعل عبدة الأصنام الذين يتوهمون تجسيد الإله فيما يعبدون بحيث يتصورون أنه هو الإله ولا يكون غيره مما يدخله تحت عنوان المشرك بالله والذي تترتب عليه أحكام كثيرة.
كما عليه أن يحافظ على ذلك الانتماء عمليًا فلا يترك مجالًا للتشكيكات المطروحة بمختلف الوسائل لاتهام الحكمة الإلهية بالظلم والحيف وإنزال الغضب بلا موجب ونحو ذلك مما يروج له أو يتصوره بعض الفاشلين في الحياة ممن لم يكافحوا في الحياة أو ممن ظنوا أن الحياة تكون بلا تعب فيحاولون سدّ النقص الذي يشعرون به ويحسون أثره من خلال اتهام الخالق عزّ وجلّ في عدله.
وأجد أننا اليوم أحوج ما نكون إلى استيعاب هذه الحكمة -كغيرها من الحكم طبعًا- لما فيها من توجيه عقائدي يسد حاجة فكرية وفراغًا روحيًا عند شرائح في المجتمعات الإسلامية وغيرها ممن لم يعوا النظام الكوني الدقيق بكل ما يشير إلى عدل الله وحكمته بل ووجودهِ تعالى مما يقرّبهم إلى الصواب ويجنبهم الكفر والعصيان[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 146 - 148.