ما الذي حدث في السقيفة فمنع المهاجرين والانصار من الحضور لدفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟!

مقالات وبحوث

ما الذي حدث في السقيفة فمنع المهاجرين والانصار من الحضور لدفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟!

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 07-10-2021

بقلم: السيد نبيل الحسني.

     ما وقع في السقيفة من أحداث، دفع كثير من الرواة وحفاظ الحديث إلى تناقله وتدوينه في مؤلفاتهم.
     ولكن ربما فضّل البعض من الرواة الاختصار في نقل مجريات الحدث .. وربما رأى البعض الآخر ضرورة نقله كاملاً .. بينما فضل القسم الآخر لزوم الصمت ظناً منه أنه يغطي على أمرٍ أبى الله إلا حفظه في صدور الناقلين .
     وبين هذا وذاك لا سيما رواة أهل البيت (عليهم السلام) أصحاب المصيبة العظمى والفاجعة الكبرى حاولنا الوقوف عند تسلسل الحدث .
     ناهيك عن أن أصحاب الصحاح وشيخهم البخاري قد نقل مجريات السقيفة وعلى لسان عمر بن الخطاب صاحب الصولة فيها.
     إذن :
     فلنرى ما حدث في السقيفة !؟
     يروي البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال : (وإنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إن الأنصار خالفونا ، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما )(1).
     فلما وصل الخبر إلى أبي بكر وعمر بهذا الاجتماع قال  عمر : فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا لننظر ما هم عليه(2) .
     فانطلق الاثنان وفي الطريق إلى السقيفة اصطحبا أبو عبيدة بن الجراح حتى جائوا سقيفة بني ساعدة ، وسعد بن عبادة(3) على طنّفسة(4) متكئاً على وسادة ، وبه الحُمّى .
     فقال له أبو بكر : ماذا ترى أبا ثابت ؟
     قال : أنا رجل منكم !
     فقال حُباب بن المنذر(5) : منا أمير ومنكم أمير ، فإن عمل المهاجري في الأنصاري شيء ردّ عليه ، وإن عمل الأنصاري في  المهاجري شيئاً ردّ عليه ، وإن لم تفعلوا : فانا جذيلها المحُكك وعُذَيقها المُرجّب(6) ، أنا أبو شبل في عرينه الأسد ، والله لأن شأتهم لنعيدنّها جَذَعة !!؟(7).
 قال عمر : فأردت أن أتكلم ، وكنت زورت كلاماً في نفسي !؟ فقال أبو بكر : على رسلك يا عمر ، فما ترك كلمة
كنت زوَّرتها في نفسي إلا تكلم بها !
     وقال: نحن المهاجرون ، أول الناس إسلاماً ، وأكرمهم أحساباً ، وأوسطهم داراً وأحسنهم وجوهاً ، وأمسهم برسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] رَحِماً ، وأنتم إخواننا في الإسلام ، وشركاؤنا في الدين ، نصرتم وواسيتم ، فجزاكم الله  خيراً ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ! فقد قال رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] : (الأئمة من قريش) ؛ وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين – يعني : عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح - .
     فقال عمر: يكون هذا وأنت حيّ ! ما كان أحد ليؤخرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] !(8) ثم مد يده ليبايع أبي بكر فبادره رجل من الأنصار فضرب على يد أبي بكر فبايعه قبل عمر فكان أول من بايع(9) ثم ضرب عمر على يده فبايعه !!؟(10).
     فلما رأى سعد بن عبادة ذلك أراد أن يكسب الجولة لصالحه بطلب البيعة لنفسه ، ظناً منه أن الأنصار ستبايعه وهم الذين جاءوا إلى منزله من أجل هذا الغرض ( فقام فبايع ، فقال له أبو بكر : لئن اجتمع إليك مثلها رجلان لقتلناك )(11) !؟
     فكان هذا التهديد بالقتل لسعد بن عبادة وهو : ( سيد الأنصار ) ونقيب الأوس والخزرج وهو في منـزله وأمام قومه كفيل بانقلاب الأمر ؟!!
     فـ ( فتخلى الأوس عن معاضدة سعد بن عبادة خوفاً أن يفوز بها الخزرج )(12)
       فهبوا كرجل واحد (وازدحموا على أبي بكر ، فقالت الأنصار: قتلتم سعداً .
     فقال عمر : اقتلوه ، قتله الله ، فإنه صاحب فتنة )(13).
     فـ :
     (بويع لأبي بكر في اليوم الذي توفي فيه رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] وهو يوم الأثنين ، الثاني عشر من شهـر ربيـع الأول )(14) !؟ .
     وقد اقتصرت هذه البيعة على أكثر من حضر السقيفة في هذا اليوم . 
  أما اليوم الثاني من وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فكانت له أحداثه ومجرياته الخاصة، وهو لم يدفن بعد.[15]

      


(1) صحيح البخاري : كتاب الحدود ، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت : ج8 ص26 أفست دار الفكر .
(2) سمط النجوم العوالي : ج2 ص244 ط المكتبة السلفية ، تاريخ
 عمر بن الخطاب لابن الجوزي : ص67 ط مكتبة المؤيد .
(3) سعد بن عبادة ، هو : أبو ثابت ، كان من أهل بيعة العقبة ، ومن أهل بدر وغيرها من المشاهد ، وكان سيد الخزرج ونقيبهم ، وجواد الأنصار وزعيمهم .
(4) الطنفسة: البساط من الصوف ونحوه (الزولية) انظر: المصطلحات اعداد مركز المعجم الفقهي:ص1273.
(5) حباب بن المنذر ، من سادة الأنصار وأبطالهم بدرياً ، أحدياً ، ذا مناقب عديدة .   
(6) قال الخلال سمعت أحمد بن يحيى النحوي قد سئل عن قوله : (( أنا جذيلها المحكك )) ، قال : الخشبة تنصب للإبل تحك بها ، و (( أنا عذيقها المرجب )) عذق النخلة يحوط حولها ، ومراده : أنا جذيلها : أنا أشفي دائكم ، وأنا عذيقها ، أنا كريم . ( السنة للخلال : ص309 ج2 ط دار الراية ) .  
(7) العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي : ج4 ص257 ط دار الكتاب
العربي ، مروج الذهب : ج2 ص312 ط دار القلم ، الإمامة والسياسة لابن
قتيبة : ج1 ص5-6 ، شرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج6 ص958 ، تاريخ الطبري : ج3 ص221 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : ج3 ص329-330 .
(8) أراد بذلك المقام : هو الصلاة التي صلاها أبو بكر بالمسلمين في صبيحة يوم الاثنين ، وهو اليوم الذي توفي فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ وفيه كان خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتعطيل هذه الصلاة فصلى أبو بكر خلف النبي(صلى الله عليه وآله) وقيل بجنبه وقيل أمام انبي(صلى الله عليه وآله)، ولمزيد من الأطلاع على ملابسات هذه الحادثة وما أحيط بها من شبهات ، ينظر : كتابنا الموسوم بوفاة النبي(صلى الله عليه واله) وموضع قبره وروضته.
(9) مصنف ابن أبي شيبة : ج7 ص432 برقم 3743 .
(10) العقد الفريد لابن عبد ربه : ج4 ص257 ط دار الكتاب العربي .
(11) المنتظم لابن الجوزي : ج4 ص68 ط دار الكتب العلمية .
(12) مروج الذهب للمسعودي : ج2 ص312 ط دار القلم .
(13) العقد الفريد لابن عبد ربه : ج4 ص257 ط دار الكتاب العربي .
(14) السيرة النبوية لابن كثير : ج2 ص260 ، التنبيه والأشراف للمسعودي : ص284 ط مكتبة خياط ، تاريخ الخلافة الراشدة : ص12 ، تاريخ القضاعي : ص172 مروج الذهب : ج2 ص309 ط دار القلم ، سمط النجوم العوالي للعاصمي : ج2 ص245-246 ط السلفية .  
[15] لمزيد من الأطلاع ، ينظر: وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) وموضع قبره وروضته بين أختلاف أزواجه واستملاك أزواجه، تأليف السيد نبيل الحسني، أصدار ونشر العتبة الحسينية ط1 مؤسسة الأعلمي بيروت-لبنان لسنة 2014م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4912 Seconds