الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام 6- قوله عليه السلام: ((عِبَادَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّه إِلَيْه عَبْداً أَعَانَه اللَّه عَلَى نَفْسِه...))

سلسلة قصار الحكم

الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام 6- قوله عليه السلام: ((عِبَادَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّه إِلَيْه عَبْداً أَعَانَه اللَّه عَلَى نَفْسِه...))

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-12-2022

بقلم السيد عبد الحسين الغريفي المشهدي

الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد:
فأن مما ورد في نهج البلاغة حول الدنيا أنه عليه السلام ذكرها في خطبة أولها:
عِبَادَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّه إِلَيْه عَبْداً - أَعَانَه اللَّه عَلَى نَفْسِه فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ - وتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ – إلى أن يقول صلوات الله عليه في ظن الخاطئ : -  حَتَّى يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ - تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا - ولَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِه الأُمَّةِ سَوْطُهَا ولَا سَيْفُهَا وكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ - بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً - ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً[1]

شرح الألفاظ الغريبة:
استشعر: لبس الشعار وهو ما يلي البدن من اللباس؛ وتجلبب لبس الجلباب وهو ما يكون فوق جميع الثياب، وقد سبق تفسيرها؛ معقولة على بني أمية: مقصورة عليهم مسخرة لهم كأنهم شدوها بعقال كالناقة؛ تمنحهم درها: أي لبنها؛ مجة: - بفتح الميم – مصدر مرة من مج الشراب من فيه إذا رمى به؛ والبرهة: المدة من الزمان؛ ولفظ كذا: ألقاه من فيه[2].

شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني:
هذا الكلام من فصل يذكر فيه حال بني أمية وطول مدتهم وبلاء الخلق بهم.
فقوله: ((يظن الظان...)) إلى قوله: ((سيفها)) غاية من غايات طول عناء الناس معهم، واستعار للدنيا أو صافاً:
أحدها: كونها معقولة: ووجه الاستعارة: ملاحظة شبهها بالناقة في كونها محبوسة ي أيديهم كما تحبس الناقة بالعقال.
الثاني: كونها ذات ((در تمنحهم إياه)): ووجه الاستعارة: أيضاً تشبيهها بالناقة في كون ما فيها من فوائدها وخيرها مهيئة لهم ومصبوبة عليهم، كما تبذل الناقة درها حالبها.
الثالث: كونها ((توردهم صفوها)) ونسبه الإيراد إليها مجاز، وتجوز بالسوط والسيف فيما فيه الأمة معهم من ال عذاب والقتل ونحوه استعمالاً للفظ السبب في المسبب.
وقوله: ((وكذب الظان لذلك...)) إلى آخر: رد لما عساه يظن من ذلك بتحقير ما حصلوا عليه من الأمر ولذتهم به وتحقير مدته، واستعار لذلك لفظ ((المجة)) وكنى بكونها مطعومة لهم عن تلذذهم بها مدة إمرتهم ، وبكونها ملفوظة عن زوال الإمرة عنهم.
وأكد ذلك الزوال بقوله: ((جملة)): أي بكليتها، وهي كناية بالمستعار تشبيهاً لها باللقمة التي لا يمكن إساغتها، وبالله التوفيق[3])([4]).

الهوامش:
[1] نهج البلاغة لصبحي صالح: 118- 120/ ضمن الخطبة رقم 87، وهي في نهج البلاغة للمحقق الشيخ العطار: 145/ ضمن الخطبة رقم 86، شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني 2: 304/ ضمن الخطبة رقم 84، نهج البلاغة لمحمد عبده 1: 169.
[2] شرح الألفاظ الغريبة لصبحي صالح 597-598، شرح النهج لابن ميثم 2: 304.
[3] شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني 2: 304 – 305، شرح خطبة رقم 84.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الدنيا في نهج الإمام علي عليه السلام: السيد عبد الحسين الغريفي، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 64-66.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3202 Seconds