بقلم: الشيخ محسن المعلم
((الحمد لله كما هو أهله، والصلاة والسلام على هداة الخلق إلى الحق، محمد وآله الطاهرين))
وبعد:
التقوى عند الإمام:
ولقد أفاض في حديث التقوى فيما أفصح به لسانه أو خطه بنانه تعريفاً وتوصيفاً ودوراً وأثراً. وفيما يلي نماذج من تلكم المواطن:
3) نعم المخرج من المحرج:
أ) «وَلَوْ أَنَّ السَّماَوَاتِ وَالأرَضِينَ كَانَتَا عَلَى عَبْد رَتْقاً، ثُمَّ اتَّقَى اللهَ، لَجَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْهُمَا مَخْرَجًا»([1]).
ب) «وَاعْلَمُوا أَنَّهُ {مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} مِنَ الْفِتَنِ، وَنُوراً مِنَ الظُّلَمِ، وَيُخَلِّدْهُ فِيَما اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، وَيُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ، فِي دَار اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ، ظِلُّهَا عَرْشُهُ، وَنُورُهَا بَهْجَتَهُ، وَزُوَّارُهَا مَلاَئِكَتُهُ، وَرُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ»([2]).
وقال الإمام علي عليه السلام مقولته الأولى لأبي ذر -رضوان الله عليه- لما أُخرج كرهاً إلى نائي الديار في الربذة في حمأة المواقف العصيبة والخطوب التي عصفت بالأمة الإسلامية وكان رجل الصدق وبطل الحق أبوذر الغفاري فقد جهر بما يرضي الله ويغضب الحاكمين فشردوا به طريدًا بين الشام وأميرها والمدينة وحاكمها حتى مات غريبًا وحيدًا بأرض قفراء بعيدة المدى قليلة الزوار فبعين الله ما لقي حتى يبعث ويحشر أمة وحده كما قال النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وقد بقيت سيرته وتاريخه خير أحدوثة ومقتدى {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ}.
وجماع الأمر هو ما قاله الإمام -صلوات الله عليه-: «إِنَّكَ غَضِبْتَ للهِ، فارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ، إِنَّ القَومَ خَافُوكَ على دُنْياهُمْ، وخِفْتَهُمْ على دِينِكَ،... فاتْرُكْ في أَيْدِيهِمْ ما خَافُوكَ عَليهِ، واهْرُبْ مِنْهُمْ بِما خِفْتَهُمْ عَليهِ، فما أَحْوَجَهُمْ إلى ما مَنَعْتَهُمْ، وما أَغْناكَ عمَّا مَنَعُوكَ، وسَتَعْلَمُ مَنِ الرَّابِحُ غَدًا، والأَكْثَرُ حُسَّدًا»([3]).
هذا وكما قال الله -سبحانه-: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
ويؤكد الإمام في النص الثاني ما تكفل الله - جلت عظمته - لمن إتقاه من فتح المخرج في مدلهمات النوازل فيأمن المتقي من لوابس الفتن ومعترك الظلم فالمتعلق بحبل الله لا يكبو، ونور الله لا يخبو، فمن أستضاء به هداه إلى جنان الخلود {إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}([4]).)([5]).
الهوامش:
([1]) خ 130 /188.
([2]) خ 183 /226.
([3]) خ 130 /188.
([4]) سورة القمر /54-55.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأخلاق من نهج البلاغة: الشيخ محسن علي المعلم، العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، ط1، ص 151-152.