بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
أما بعد:
قال عليه السلام: إذا تَمَّ العَقْلُ نَقَصَ الكَلامُ([1])
المراد هنا، إن الكلام إنما يكون بحسب الحاجة إليه، فإذا ما كمل عقل الإنسان، قل كلامه إلا فيما يريده ويعنيه، ويراه متحققاً. ولذا يقل الكلام، لحدس العقل بما يقابل الكلام.
وورد في المعارج: (يعني: العاقل لا يتكلم الا بما يعنيه فيقل كلامه).
وقال البحراني في المصباح: (فذلك لضبط العقل إياه ووزنه له). والوجه في نقص الكلام بينه الإمام (عليه السلام) في بعض أقواله كقوله (لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه)، إذ ربط بين العقل والكلام، وفي شرح مائة كلمة أشار البحراني إلى بيان علية نقص الكلام في حال تمام العقل، إذ قال: (إن النفس كلما ازدادت علوا في مراتب الكمال كان ضبطها للقــوة المتخيلة أشد، فكان الكلام الصادر عنها أقل وجودا) وقال في شرحـــه: (تمام العقــل يستلزم كمال قوته على ضبط القوى البدنية وتصريفها بمقتضى الآراء المحمودة).
وقد وردت الحكمة في (مجمع الأمثال)، و (التمثيل والمحاضرة) ضمن باب العقل والعاقل. وكذلك، في المستطرف([2]))([3]).
الهوامش:
([1]) لم يرد خلاف حول هذه الحكمة، وقد رويت في: العيون ص 134، والحدائق 2/616 وشرح الغرر 3 /122، والمنهاج 3/280، والمعارج ص407، والترجمة 2/439، وشرح ابن أبي الحديد 18/217، وشرح البحراني 5/274، والمصباح ص593.
([2]) ص 21.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص81-82.