من المجالات الإرشادية عند الإمام علي عليه السلام: المجال السادس: الإرشاد الاجتماعي

مقالات وبحوث

من المجالات الإرشادية عند الإمام علي عليه السلام: المجال السادس: الإرشاد الاجتماعي

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 24-01-2021

بقلم: د. نهاية جبر المحمداوي- الجامعة المستنصرية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
الإسلام ليس منهجَ اعتقادٍ وإيمانٍ وشعورٍ في القلب فحسب، بل هو منهج حياة إنسانية واقعية، يتحول فيها الاعتقاد والايمان إلى ممارسة سلوكية في جميع جوانب الحياة لتقوم العلاقات على التراحم والتكافل والتناصح، فتكون الأمانة والسماحة والمودة والإحسان والعدل والنخوة هي القاعدة الأساس التي تنبثق منها العلاقات الاجتماعية.
ودعا الإمام علي (عليه السلام) إلى استخدام الأساليب المؤدية إلى الألفة والمحبة، ونبذ الأساليب المؤدية إلى التقاطع والتباغض، فقال: (لا تَغْضَبوا ولا تُغْضِبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام)[1].
ويتضمن التفاعل الاجتماعي التأثير المتبادل بين الأفراد أو بين الجماعات عن طريق احتكاك الآراء وتبادل المشاعر والأذواق وتفاعل الممارسات، وفي الطباع والأمزجة، وفي الاستعدادات والاهتمامات، وفي الأخلاق والمشاعر ويتضمن أيضا إدراك المسؤولية الاجتماعية وتحديد السلوك في ضوء الموازين والمعايير الاجتماعية التي تحدد لكل فرد دوره. ومن اشكال التفاعل الاجتماعي الايجابي والوانه: التعاون والتوافق لكي تتجذر العلاقات والوشائج فلا تنفصم لأول خاطر ولا تنفك لأول نزوة.
وحذرت التعاليم والإرشادات الإسلامية من التفاعل الاجتماعي السلبي، ونهت عن جميع العوامل والمقدمات المؤدية اليه التي لا حصر لها وقال الإمام علي (عليه السلام) (لا تَغضَبوا ولا تُغضِبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام)[2]. واكد الإمام علي (عليه السلام) موضوع الصداقة والصحبة فقال: (لاتثق بالصديق قبل الخبرة ) وحدد الإمام علي (عليه السلام) صنفين من الأصدقاء يمكن الانتفاع منهما في جانب أو عدة جوانب اجتماعية فقال:(الأخوان صنفان: اخوان الثقة واخوان المكاشرة فأما اخوان الثقة فهم كالكف والجناح والأهل والمال، فأذا كنت من اخيك على الثقة فأبذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه، وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن، واعلم ايها السائل انهم اعز من الكبريت الأحمر واما اخوان المكاشرة، فانك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان).
وحذرت التعاليم والإرشادات من مصادقة ذوي العقول الناقصة وقليلي الوعي والإدراك قال الإمام علي (عليه السلام): (لا تصحب الجاهل، فان فيه خصالاً، فاعرفوه بها: يغضب من غير غضب، ويتكلم في غير نفع، ويعطي في غير موضع العطاء، ولا يعرف صديقه من عدوه، ويفشي سره إلى كل احد).
ونهى الإمام علي (عليه السلام) عن صحبة الشرير فقال: (لا تصحب الشرير فان طبعك يسرق من طبعه شراً وانت لا تعلم) وقال (عليه السلام): (إياك وصاحب السوء، فانه كالسيف المسلول يروق منظره، ويقبح أثره) وايضا حذر الإمام علي (عليه السلام) من مصادقة المختلين عقلياً ونفسياً وسلوكياً فقال:
(بئس الرفيق الحسود) 
(من دنت همته فلا تصحبه)
(لا تصحبن من لا عقل له)
(لا تمنحن ودّك من لا وفاء له)
(بئس الصديق الملول)
(لا تصحبن من يحفظ مساويك وينسى فضائلك ومعاليك)[3]
وأكد الإمام علي (عليه السلام) أهمية معاملة الناس ومعاشرتهم فقال:(اوصيكما وجميع ولدي واهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم امركم، وصلاح ذات بينكم فإني سمعت جدكما (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام)
وقال الإمام علي (عليه السلام) أيضا:
(خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنُّوا اليكم)
(قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه)
(مقاربة الناس في أخلاقهم أمنٌ من غوائلهم)
وفي معاملة الجيران واليتامى والمساكين فقال (عليه السلام):
(سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار)
(الله الله في الأيتام، فلا تغيبوا افواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم. والله الله في جيرانكم، فانهم وصية نبيكم. مازال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورّثُهم)
(إن المسكين رسول الله، فمن منعه فقد منع الله، ومن أعطاه فقد أعطى الله)
وفي مجال المودة والمحبة قال الإمام علي (عليه السلام): (ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة) وفي مجال الخصومة قال الإمام علي (عليه السلام): (إن للخصومة قحماً (أي إن الخصومة تقحم أصحابها في المهالك)
وقال أيضاً (من بالغ في الخصومة آثم، ومن قصر فيها ظُلم. ولا يستطيع ان يتقي الله من خاصم)[4] ([5])

 الهوامش:
[1] العذاري، 1426هـ، ص113
[2] العذاري، 1428، ص241
[3] العذاري،1428 هـ، ص246-251
[4] بيضون،1417 هـ، ص647-653
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الإرشاد في فكر الإمام علي عليه السلام، للدكتورة نهاية جبر المحمداوي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، ص74-77.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2668 Seconds