شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (65) قال عليه السلام: نَفَسُ المَرْءِ خُطاهُ إلى أَجَله

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 13-07-2025

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

أما بعد:
 قال عليه السلام: نَفَسُ المَرْءِ خُطاهُ إلى أَجَله([1])

قال ابن أبي الحديد في شرحه: (وجدت هذه الكلمة منسوبة إلى عبد الله بن المعتز في فصل أوله: الناس وفد البلاء، وسكان الثرى، وأنفاس الحي خطاه إلى اجله، وأمله خادع له عن عمله، والدنيا اكذب واعديه، والنفس اقرب أعاديه، والموت ناظر إليه ومنتظر فيه امراً يعنيه فلا ادري هل هي لابن المعتز أم أخذها من أمير المؤمنين (عليه السلام). و الظاهر أنها لأمير المؤمنين (عليه السلام) فأنها بكلامه أشبه، ولأن الرضي (قد) رواها عن وجه العدل)([2]) والصحيح أنها للإمام (عليه السلام) بدليل اتفاق الشروح على نسبتها إليه الا ابن أبي الحديد.
 على أن ترجيح ابن أبي الحديد، المعتمد على السياق الأسلوبي، في نسبة هذه الحكمة إلى الإمام (عليه السلام)، يذكرنا بالترجيح الأسلوبي الذي اعتمده الجاحظ في نسبة إحدى الخطب([3]) إلى الإمام (عليه السلام)، بعد أن نسبها بعض الرواة إلى معاوية بن أبي سفيان. وفي هذا القياس، ملامح نقدية لا يفطن لها إلا أصحاب الذائقة الأدبية.
وورد في المصباح: (استعار للنفس لفظ الخطأ([4]) باعتبار تقريبه من غايته وهو الأجل كالخطى المقربة إلى غايتها)([5]).

الهوامش:
([1]) وردت في شرح الغرر 3/344 بلفظ: (رحم الله امرءاً علم أنّ نَفَسَه خُطاه إلى أجله فبادر عمله، وقصر أمله ). ووردت الحكمة بلفظ المتن في: شرح الغرر 3/435، والعيون ص497، والمنهاج 3/281، والترجمة 2/339، وشرح ابن أبي الحديد 18/221، وشرح البحراني 5/275، والمصباح ص594.
([2]) رويت الحكمة في المستطرف للأبشيهي 1/48: (من نصب نفسه للناس أماماً فعليه \أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأدبه بلسانه)، وأضاف: (وقيل: مؤدب نفسه ومعلمها أحق بالإحلال من مؤدب الناس ومعلمهم).
([3]) لم يشر ابن أبي الحديد إلى المصدر الذي وجد فيه كلام ابن المعتز.
([4]) هكذا ورد في النص، والصحيح (خطى) وليس (خطا ).
([5])لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص84-85.