تفترض الدراسة أن فكر التوحيد مكنون في رموزه وحملته، وأن عملية اغتيال التوحيد جرت في الإمة مرتين، الأولى في الفكر، والثانية في الرمز؛ وإن أعادة إحياء التوحيد تكمن في احياء الفكر والرمز، وأن العملية الإجرائية لإعادة الحياة إلى الرمز بعد اغتياله وقعت في الأمة كذلك مرتين.
الأولى: في ديموية الحياة لرأس الإمام الحسين (عليه السلام) فكان فكر التوحيد حياً بما ظهر من الرأس الشريف من آيات ومعاجز وأثار مكونة بذلك أنماطاً وأنساقاً ثقافية واجتماعية واصلاحية.
والثانية: في تلبس الفكر الاصلاحي في مجموعة من الأفراد وتحقق النظرية البنائية الوظيفية في خلق الوعي الفردي والجمعي والوصول إلى الذروة في الضمير الجمعي في عواصم الخلافة، أي المدينة المنورة، والكوفة، وتوحيدهم في الرجوع إلى ثقافتهم الأصلية، وانتفاضتهم لانتزاع التوحيد القرآني والنبوي من قيود ثقافة توحيد الخلافة وانساقها واجراءاتها التثاقفية والاجتماعية.
فكان لرأس الإمام الحسين (عليه السلام) وما شهده الناس من مظاهر إعجازية الأثر البالغ في إحياء فكر التوحيد في أمة التوحيد.
فسلام عليه يوم وُلِدَ، ويوم استشهد، ويوم تلى رأسه القرآن مصلوبًا على أبواب المدن، ومرفوعًا على الرماح، يطاف به في طرقات الكوفة وأسواق الشام، ليحيي التوحيد في أمة التوحيد بعد ان اغتالته سيوف توحيد الخلافة. وسلام عليه يوم يبعث حيًا يجتاز صفوف يوم الحساب، مقبلًا على أمه فاطمة (عليها السلام) وقد نُصِبَ لها قبة من نور، واضعاً رأسه على يده، فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا عبد مؤمن إلا بكى لها، فسلام وألف سلام لرأسك المقطوع وشفاك وهي تردد ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾