رضيع الحور

مقالات وبحوث

رضيع الحور

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 31-08-2020

الباحث: محمد حمزة الخفاجي

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنْ أَتَى اَلدَّهْرُ بِالْخَطْبِ اَلْفَادِحِ وَاَلْحَدَثِ اَلْجَلِيلِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَيْرُهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ (صلى الله عليه وآله) ....
 أَمَّا بَعْدُ....
فمن أفجع مأساة الطف مصيبة عبد الله الرضيع (عليه السلام)، فعوضاً من أن يسقوه الماء رموه بنبلة فأصابت نحره الشريف، فذبحوه من الوريد الى الوريد، وكان هذا الفعل من أقبح الأفعال التي صدرت من هؤلاء اللئام، فما ذنب هذا الطفل هذا ما قاله الإمام الحسين (عليه السلام) لبني أميه حينما طلب منهم شربة ماء لرضيعه.
ومن هنا نعرف علة وجود الاطفال والرضعان وتواجدهم في ركب أبي عبد الله، فالحسين بن علي (عليهما السلام) أراد أن يكشف للعالم جرائم القوم لذا جلب عياله وأهل بيته من نساء وأطفال، وقد سأله أخوه محمد ابن الحنفية قبل خروجه إلى كربلاء إذ قال له: إن كنت عالما بمصرعك فما معنى حملك هؤلاء النسوة معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال فقال له الإمام: إن الله قد شاء أن يراهن سبايا كما شاء أن يرانا قتلى[1].
وقد جعل سبحانه لهذا الشهيد الصغير مرضعة في الجنة كما جعل لإبراهيم ابن النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، مرضعة ترضعه عوضاً عما لاقاه من حرمان الدنيا، فقد روي أنه (عليه السلام) لما رأى عبد الله صريعا سمع (عليه السلام) قائلا يقول: (دعه يا حسين فإن له مُرضِعاً في الجنة)[2].
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (مات إبراهيم وله ثمانية عشر شهرا فأتم الله رضاعه في الجنة)[3]، وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن إبراهيم لو بقي فأجاب لو كان بقي لكان صدّيقا ولسار على منهاج أبيه[4]، فصغار أهل البيت ككبارهم ولو أن الرضيع بقي لسار على منهاج أبيه أيضاً.
وهذا الطفل الصغير رغم صغر سنه لاقى من مصائب الدنيا ما لم يلاقه أحد غير المقربين من الخلق، فواقعة الطف فيها أعظم المصائب والابتلاءات، وإن يوما واحدا من أيام الطف يعادل الدنيا وما فيها إذ لا يوم كيوم الحسين عليه السلام، فقد شارك عبد الله الرضيع مع أبيه الحسين عليه السلام مأساة كربلاء لذا نال هذه المكانة مع ما هو عليه من المنزلة والرفعة.
يروى أن حرملة اللعين لما أصاب الرضيع بنحره سال الدم فأخذ الإمام يمسح الدم ويرمي به إلى السماء[5]، قال الإمام الباقر (عليه السلام): (فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض)[6].
فسبحانه وتعالى تقبل ذلك القربان بأحسن قبول فلم تسقط قطرة دم واحدة، ولعل الله يدخر هذه الدماء إلى يوم الجزاء لتكون الشاهد على هؤلاء القوم.
وفي الختام نسأل الله بحق طفل الحسين أن يجعلنا من خدامهم وأعوانهم.

الهوامش:
[1] - ينظر لواعج الأشجان، السيد محسن الأمين: 73.
[2] - المجالس العاشورية في المآتم الحسينية، الشيخ عبد الله ابن الحاج حسن آل درويش: 390.
[3] - من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 3 / 491.
[4] - ينظر شجرة طوبى: 1 / 32.
[5] - ينظر، مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الأصفهاني: 60.
[6] - بحار الأنوار: 45 / 46.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2648 Seconds