بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((إذا ازدحم الجواب خفي الصواب))
الدعوة إلى التأمل والتريث في الجواب عن أي شيء يسأل عنه الإنسان، وألا يتعجّل ولا يرتجل الجواب بل عليه أن يختار الكلمات المناسبة فلا يربك السامع بحشد من الكلمات لا كثير فائدة منها؛ لأن ذلك يورّطه في مطّبات لم يكن قد حسب لها فيضطر للإعادة والتكرار. أو يدخل في متاهات الجدل والمغالطة لإثبات صوابه والتغلب على المقابل، ولذلك مضاعفات سلبية:
أولًا: يمنع نفسه من الزيادة فإنه ما دام جاهلًا أمكن غيره تعليمه وأما إن أبدى علمه بكل شيء منعه غيره من ذلك ويكون ضعيف الجانب لأنه لم يتوفر على معلومات غيره بل بقي جامدًا على معلوماته التي لا تخلو من الأخطاء والأغلاط _غالبًا_.
ثانيًا: يتورط في الكذب، إذ يوجد الكثير ممن يتفادى تسجيل حالة الفشل عليه فيجترئ على الكذب مع علمه بحرمته، أو يتورط في بهتان غيره بما وقع هو فيه تخلصًا من حالة الاحراج فينسب القول بذلك إلى من لم يتفوه به.
ثالثًا: يُتعب نفسه ويخسر جهده ويضيع عليه وقته بينما لو وازن بين السؤال وتأدية الجواب لكان أنفع.
وعلاج مثل ذلك كله أنه إذا سئل أحدٌ: فكّرَ جيدًا في السؤال ونوعه ثم يفكر في الجواب المناسب وطريقة تأديته؛ لأن الذهن يحتوي على معلومات كثيرة جدًا لا يمكنه الاستفادة منها -في مقام الجواب- إن لم يلجأ إلى التنظيم والتبويب وطريقة العرض لهذا المخزون الفكري. وإلا فيتكلم بما هو بعيد عن جوّ السؤال وذلك من علامات الارتجال والاستعجال وعدم التدبر في طرح المعلومة في المحل المناسب. فلا بد من التوقي من حالات الفشل والاحراج واللف والدوران في الجواب، بالتأمل والتريث واختيار المناسب ليحصل على الجواب الصواب. كما أنه يمكن استفادة تنبيه الحكمة لأمر يحدث بين بعض الطبقات ولدى بعض الأفراد، وذلك بأن يبادر للجواب أكثر من شخص فيقع السائل في مشتبك من الأجوبة وقد يخفى عليه الصحيح منها فيزداد حيرة.
إذن على الإنسان أن يلحظ هذا الأمر جيدًا من زاويتين.
الأولى: ما يقتضيه الأدب واللياقة في التصرف مع المسؤول.
الأخرى: لأنه يربك الوضع على السائل فلا يخرج بنتيجة مرضية ([1]).
الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي (عليه السلام)، لمحمد صادق السيد محمد رضا الخرسان.