بقلم: م. م. بسام كامل الزيدي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
فإن من ألقاب الإمام علي عليه السلام التي صرح بها في نهج البلاغة (أمير المؤمنين) إذ جاء على لسانه في موضعين من نهج البلاغة، مستثنياً الرسائل التي تبدأ بالإمارة؛ لأن ذلك أسلوب ظاهر اتبعه الإمام (عليه السلام) في بداية الكتب والرسائل جميعها، فقد صرح (عليه السلام) قائلاً:
«يا بني عبد المطلب لا ألقينَّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين»[1].
ذكر البحراني أن الإمام (عليه السلام) أوصى أهل بيته (عليهم السلام) من بني عبد المطلب[2]، بما يخصه من أمر دمه والوصية بأمور منها نهاهم (عليهم السلام) عن اثارة الفتنة بسبب وقوله تقولون (قتل أمير المؤمنين)، هي ما جرت عليه العادة، يقول طالب الثأر حين هياجه وإظهاره لعذره السبب على اثارة الفتنة، والثاني أن الإمام (عليه السلام) نهاهم أن يقتلوا إلا قاتله وهذا هو مقتضى العدل[3]، وقد تكنى الإمام عن اسمه بأمير المؤمنين في مورد آخر من نهج البلاغة في قوله (عليه السلام) من رسالة بعثها إلى احد عماله مذكراً إياه بالزهد وتحمل المسؤولية وقيادة المجتمع قائلاً:
«أ أقنع من نفسي بأن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر وأكون اسوة لهم في جُشُوبة العيش...»[4].
وقد بيّن أمير المؤمنين (عليه السلام) بأنه المسؤول الأول الذي تقع على عاتقه هموم الرعية وهو الذي يشاركهم خشونة العيش لشعوره بالتكليف الشرعي الذي ينبغي أداؤه على أتم مراد وأسدد منهاج وليس منصباً يثير بالنفوس الشعور بالزهو والاستطالة على الناس[5]. ونفهم من ذلك ان الإمام (عليه السلام) يصور أروع صورة بقوله –أأقنع أو أرضى عن نفسي بأن يقولوا هذا أمير المؤمنين لم يشاركهم في هذه الحياة حلوها ومرها ([6]).
الهوامش:
[1] الشريف الرضي، نهج البلاغة، 473.
[2] بنو عبد المطلب، بطن من هاشم واسم عبد المطلب عامر وإنما سمي عبد المطلب لأنه كان صغيراً بالمدينة عند أمه سلمى بنت عمرو من بني النجار بن الخزرج فأخذه عمه المطلب بن عبد مناف واتى به مكة وهو راكب خلفه على عير فقالت قريش حينئذ هذا عبد المطلب فقال ويحكم هذا ابن أخي فلغب عليه هذا الاسم وكان يلقب بشيبة، ينظر، القلقشندي، نهاية الارب، 343.
[3] شرح نهج البلاغة، 325/ 5؛ الصالح، صبحي، نهج البلاغة، 539.
[4] الشريف الرضي، نهج البلاغة، 469
[5] الصالح، صبحي، نهج البلاغة، /532؛ التميمي، أركان، شرح نهج البلاغة الميسر، دار الحجة البيضاء، (ط1، د. م، 2013)، 332.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: أهل البيت مكانتهم وفضلهم وموقف الأمة منهم، بسام كامل الزيدي: ص254.