من مفاهيم سيكولوجية الصورة الذاتية في خطاب الإمام علي (عليه السلام): أهم صفات أصحاب الهمم العالية: أولاً: الحلم والأناة

مقالات وبحوث

من مفاهيم سيكولوجية الصورة الذاتية في خطاب الإمام علي (عليه السلام): أهم صفات أصحاب الهمم العالية: أولاً: الحلم والأناة

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 07-01-2021

بقلم: الشيخ مهدي المالكي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
يقول الإمام علي (عليه السلام):
«الحلم والأناة توأمان يتبعهما علو الهمّة»[1]
وتكمن أهمية الحلم والأناة وأثرهما النفسي الإيجابي الكبير على النفس البشرية في أنهما يوفران الجو النفسي اللازم لممارسة أعظم الفعاليات فائدةً ونفعاً للإنسان، وهي عادة (التأمّل والتفكّر)، التي لا يمكن أن تـُوجد إلّا في ظل أجواء الاسترخاء النفسي التامّ الذي يُهيئه (الحلم) وتوأمه من حيث الطبيعة والأثر (الأناة)، الحلم الذي يصفه الإمام الحسن (عليه السلام) بإنّه: «كظم الغيض ومِلك النفس»[2]          
وهو الوليد الشرعي لوفرة العقل؛ يقول الإمام علي (عليه السلام):
«بوفور العقل يتوفر الحلم»[3].
والثمرة الطيبة للعلم
«عليك بالحلم فإنّه ثمرة العلم»[4].
فالتأمّل والتفكّر يجعلان الإنسان على بصيرةٍ من أمره، ومن كان على بصيرة من أمره ومعرفة ً بدربه انفتحت أمامه سبل الخير والتكامل والصلاح، وانكشفت له حقائق جديدة لم تكن لتنكشف لو لا التأمّل والتفكّر، وكان أعرف الناس بالطرق الصحيحة التي يجب أن يسلكها بعد أن يستجمع طاقاته ويحفّز إمكاناته وقدراته الكامنة ويستثمر مواهبه الداخلية أكمل وأفضل استثمار لإيصاله إلى غايته الكبرى من وجوده في هذا العالم.
فعلو الهمّة المنتج للحلم والأناة، اللذان يُهيئان الجو النفسي للإنسان للتأمّل والتفكّر وانفتاح البصيرة من أعظم المفاتيح وأكثرها إلهاباً وإشعالاً لحماسة الإنسان وشدّ عزمه وتقوية إرادته نحو حركةٍ إنسانيةٍ واعيةٍ لا تفتر ولا تهدأ دون وصول الإنسان إلى أهدافه وغايته. وهي الدافع الأول والمؤثّر الأكبر في توجيه دفـّة النفس البشرية نحو الاستقرار في أرض الأفكار والاعتقادات والقيم والعادات الإيجابية. وألا يـُقبل عنها عوضاً وبدلاً مهما عُرضت عليه أو عَرَضَتْ له المطالب الدنيوية التي تبقى رخيصة ووضيعة وإن عُظمت ومهما حاول أهل الدنيا تعظيمها وتزويق وتلميع وزخرفة صورتها([5]).

الهوامش:
[1] نهج البلاغة / الحكمة 460.
[2] بحار الأنوار: 78/ 102/ 2.
[3] الغرر والدرر: 4274.
[4] الغرر والدرر: 6084.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: سيكولوجية الصورة الذاتية، للشيخ مهدي المالكي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص98-100.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2900 Seconds