من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب: أولاً: ابنية اسم الفاعل وبيان معنى (نوَّر)

مقالات وبحوث

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب: أولاً: ابنية اسم الفاعل وبيان معنى (نوَّر)

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 12-04-2021

بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
يُصَاغُ اسمُ الفَاعِلِ مِنِ الفعْلِ الثُّلاثيّ المُجرَّدِ علَى زِنَةِ(فاعِل)، ويكثرُ هَذَا البنَاءُ من(فَعَلَ) اللَّازمِ والمتعدِّي، و(فَعِل) المُتعدِّي([1]).
وقدْ جَاءَ هذا البناءُ في المرويَّات نحو (أربعينَ) مرَّةً، وهو حافلٌ بشحنَاتٍ دَلاليَّةٍ
أسهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في إبرازِ دَلالةِ النَّصِّ. ومنهَا ما يأتي:
1ـ قالَ ابنُ منظور في بيانِ معنى(نَوَّر): «وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ،(كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ): نَائِرَاتُ الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام، النَّائِرَاتُ الوَاضِحَاتُ البَيِّنَاتُ، والمُنِيرَاتُ كَذَلِكَ، فالأُولى مِنْ نارَ، والثَّانِيَةُ مِنْ أَنار، وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ»([2]).
قالَ الأزهريُّ في معنى ذلكَ: «يُرِيدُ: الواضحات البَيِّنات. يُقَالُ: نَارَ الشَّيءُ، وأنارَ، واستنارَ، إِذا وضحَ»([3])، النَّائراتُ: الوَاضحاتُ، البيِّناتُ والمنيراتُ: كذلكَ، إلَّا أنَّ معنى الأولى من نَارَ، والثَّانيَة من أنارَ، وأنارَ يأتي لازمًا ومتعدِّيًا، فنقولُ: (أنَارهَا زيدٌ)([4]). وربَّمَا يأتي الفعلُ(نار) بمعنى(أنارَ) كمَا قَالَ أبو جعفر النَّحَّاس(ت338هـ): «نائرات، من نارَ الشَّيء، ويُقَالُ: أنارَ، إذا وضحَ، فأتى باللُّغتينِ جمِيعًا»([5])، ويأتي لازمًا في قوله«أنار الثوب وناره ونيّره: أعلمه وألحمه»([6])، فأتى أميرُ المؤمنينَ(عليه السَّلام) باسمِ الفَاعلِ ولم يأتِ بِفعلِهِ؛ للدَّلالةِ على الثُّبوتِ والتَّجدُّدِ في بيانِ الأحكامِ لمنْ أرادَ ذلكَ، وهَذا لا يَتأتَّى إلَّا برسالةِ السَّماء ومن جَاءَ بها، فَلو أتَى بِالفعْلِ(نارَ الأحكامَ) لمْ يَكُنِ البَيَانُ والتَّوضِيحُ دَائمًا، ولاقْتَصرَ التَّوضِيحُ في زَمنِ الرِّسالةِ فحسب، ولم يستمرَّ بعدَها؛ ولهذا سَمَّى الكوفيُّونَ اسمَ الفاعِلِ (الفعل الدَّائم)، وهو يقابلُ عندَهم الفعلَ الماضي، والفعلَ المستقبلَ الشَّامل لفعلي المضارعِ والأمرِ في اصطلاحِ البصريّينَ([7]).
الحديث ورد في نهج البلاغة، قالَ ابن أبي الحديد: «نائراتُ الأحكَامِ، ومُنِيراتُ الإسلامِ، يريدُ الواضحاتِ البيِّناتِ، يقالُ: نارَ الشَّيءُ وأنارَ، إذا وضحَ»(8). ([9]).

الهوامش:
[1]   ينظر: شرح ابن عقيل: 3/ 134، والاشتقاق، عبد الله أمين: 247، والمدخل الى علم النحو والصرف، عبد العزيز عتيق: 84.
[2]   لسان العرب: 5/240.
[3]   التهذيب(نور): 15/170.
[4]   ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر(نور): 5/125.
[5]   عمدة الكتاب، لابي جعفر النحاس: 307.
[6]   أساس البلاغة:2/315.
[7]   ينظر: المدارس النحوية، شوقي ضيف: 166.
(8) شرح نهج البلاغة: 19/137.
[9] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 47 – 48.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2957 Seconds