بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((أولُّ عوض الحليم من حلمه[1] أنّ الناس أنصاره على الجاهل)).
دعوة كريمة ونصيحة ثمينة تدل على حرص أكيد على مستقبل بني الإنسان. فإنّ من المعلوم ترّكب الإنسان من قوى متضادة بحيث تسيطر على أفعاله، وتصرفاته تكون منبعثة عنها، منها القوة الغضبية الناشئة من استحكام السَبُعيّة وتغلبها فيصير الإنسان شبيهًا بالسباع في حب الانتقام والتغلب على المتعدي.
فإذا تمكن الإنسان من أن يتوازن ليتحكم في درجة تلك القوة وينخفض لديه معدل الخسارة إلى أدنى نسبة ممكنة فيتغلب على نفسه ويتغاضى فيسامح ويغفر ولا يعيش السلبية المطلقة مع الظرف المعتدي -فإذا أمكنه ذلك- صار حليماً، وشرط الحلم أن يكون العفو من موقع القدرة وقاعدة القوة لا من الضعف وعدم إمكان المواجهة.
فإذا تحلّم الإنسان فماذا سيحصل؟ بعد أن ذهب حقه وهُدرت كرامته...، الجواب: إن الناس المعايشين للحالة سيتولون تلقائياً الدفاع عن الحليم ومقاضاة المعتدي بأسلوبهم الخاص ولو باللوم والتأنيب، وقد ينتج ذلك أن يأتي المعتدي معتذراً معترفاً بتقصيره.
ويكفينا لو حاولنا التحلّم أن نكون في موقع الوعي والقوة، ويكون الآخر جاهلاً.
وهذا منطق العقل الذي يجب أن يحكم الأمور إذا أردنا لأنفسنا وللآخرين العيش بسلام.
وينبغي لمتبعي الإمام عليه السلام أن لا يفكروا في لحظة ما أنّ ذلك من موقع التخاذل وعدم القوة، فعليٌّ عليه السلام قوي ويتعلم منه الناس القوة والسياسة الاجتماعية التي توفر الأمان للرعية الذين يشعر ازاءهم بالمسؤولية[2].
الهوامش:
[1] الحلم لغة: ضد الطيش، الصبر والأناة والسكون مع القدرة والقوة والعقل. المنجد ص150 مادة (حلم).
[2] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص121-122.