أخلاق الإمام علي عليه السلام قال: اللسان سَبُع إذا خُلي عنه عَقَرَ

سلسلة قصار الحكم

أخلاق الإمام علي عليه السلام قال: اللسان سَبُع إذا خُلي عنه عَقَرَ

201 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-04-2025

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد
تقدم في شرح بعض الحكم السابقة بيان أن اللسان نعمة، وتقدم أيضاً تعداد بعض فوائده وخصائصه وما يوفره للإنسان من منافع إلا أنه في ذات الوقت يشكل خطراً على الإنسان إن لم يحسن سياسته ولم يرع أصول الحفظ والاحتراس من ضرره فإنه إذا لم تحدد له ضوابط معينة وترك على حاله ولم يسيطر عليه فإنه يكون سبباً مباشراً وقوياً – ومتقضياً – لألحاق الضرر بالإنسان وإنزال الأذى به وتوجيه اللوم والعذل له بما يجعله متندماً متأسفاً كئيباً حيث لا ينفع ذلك – أحياناً -.

وقد كان وصف الإمام عليه السلام دقيقا عندما وصفه بانه (سَبُع) فقد أعطاه تشبيهاً دقيقاً ووصفه بمن يماثله في الصفات العدوانية والخصائص الذاتية وهو المفترس الذي تتغلب عليه النفس السبعية التي تحركه وتحثه شديداً نحو الانتقام والافتراس واقتناص الفريسة، واللسان له ما يشبه هذه الصفات من حيث أنه يظل ملحاً على صاحبه حتى يحركه فيفصح عما لم يدرسه من أفكار ويتكلم بما لم ينضج من آراء بل مجرد خيالات مما يجعله مقتنصاً للفرصة ولا يرى غير ذلك.

فاللازم ملاحظته هو ومراعاته وحفظه والالتفات إليه وعدم الغفلة عنه وعدم الإهمال له؛ لأنه سلاح ينفع من جهتين فلا بد لمن يمسك به أن يعي ذلك جيداً ويحترز منه لئلا يؤذيه، فاللسان يمكن أن يستعمل في كلام الخير مطلقاً فيؤجر على ذلك ويحترم ويوقر، ويمكن أن يستعمل في الشر وكلام الفتنة والنميمة والغيبة والفحش والبذاء والتدخل في شئون الآخرين و...و... مما يحمل الإنسان تبعات كثيرة تثقله وتوقفه للمساءلة الصارمة، وعندها يعرف أثر السكوت وفائدة السيطرة على اللسان.

وإن هذا الانفلات اللساني لمن آفات المجتمع ولذا تكثر الخصومات والنزاعات وعدم الود والوئام بين الأفراد جراء عدم التوازن في الكلام والجري وراء العواطف وغليان المشاعر وتأجج الحسابات القديمة بما يترك جرحاً في النفس ولذا يصعب التجاوز عن ذلك بل تبقى عقدة في النفس وقد تتجاوز الأشخاص المباشرين إلى آخرين من الأعقاب والأقارب فاللازم تجنب ذلك قدر الإمكان وذلك بفظ الإنسان لسانه والمحاسبة على كلامه لئلا يطول وقوفه بين يدي ربه عز وجل، ولا يترك في نفسو الناس آلاماً يصعب عليه مداواتها وعليهم مجاوزتها([1]).

الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ط8، ص 317-319.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3134 Seconds
BESbswy