يفترض هذا الكتاب أن الإنسان في صراعه يلجأ إلى الحرب ويعدُّ لها عدتها التي تتناسب مع متطلبات النصر وأن الكلمة أداة فتاكة في الحرب الفكرية التي يخوضها الإنسان في الدفاع عن حقوقه وبيان مظلوميته وانتزاعها من خصمه وإنْ لم يقبضها بيده.
وهذا ما سعت إليه بضعة النبوة وصفوة الرسالة فاطمة (عليها السلام) في حرب الكلمة لانتزاع حقها وذلك عبر انتزاع التناقض في أقوال أبي بكر بين قوله في حديث: (لا نورث ما تركنا صدقة)، وقوله لها (عليها السلام) في حرب الكلمة التي خاضتها معه: (بل يرثه أهله).
ومن ثم فقد جهد أعلام أهل السُنّة والجماعة كالجوهري، وابن عبد البر، والذهبي، وابن كثير، والألباني، في دفع هذا التعارض بين القولين، ونفي علل حديث (لا نورث) ونكارته ومعارضته للقرآن والسُّنّة النبوية واللغة، بل والتاريخ الإسلامي كما سيمر عِبْر عينة الدراسة، لاسيما أن قوله (بل يرثه أهله) قد ورد في مسند أحمد بسند صحيح.
وعليه: فقد سعى الكتاب وعِبْر حقوله المعرفية ومباحثه إلى بيان معارضة حديث (لا نورث) للشريعة فضلًا عن بيانه افتقار القائلين به للحجة وفقدانهم المنهج العلمي في الدفاع عنه وتكبلهم بالأنساق الثقافية والعقدية التي نشأوا عليها.