جفاء الناس لفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعتابها لسلمان المحمدي في ذلك.

آل علي عليهم السلام

جفاء الناس لفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعتابها لسلمان المحمدي في ذلك.

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-01-2022

بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي.

إنّ من الشواهد التي تدل على جفاء الناس عن بيت النبوة وجوهر وجوده فاطمة (عليها السلام) هو هجرانهم لها (عليها السلام)، على الرغم من احتياجها لمن يواسيها ويعزيها بمصاب أبيها (صلى الله عليه وآله).
ولكن حاشى لله تعالى أن يترك قلب النبوة وروح الرسالة، وحيدة غريبة، فقد أهبط إليها ملائكته(عليهم السلام) كما أهبط من قبل على مريم(عليها السلام) تحادثها وتكلمها وفي رواية أن الله أهبط إليها روح القدس (عليها السلام) تسمع صوته ولا ترى شخصه تسأله عن أبيها(صلى الله عليه وآله) وموضعه وحاله في روضته، ويخبرها عنه وعن ذريتها وما يجري في الأمم والأزمنة، فكان أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يخط بيده ما كانت تسمع فاطمة من روح القدس(عليهما السلام) وهو ما عرف بعدها بمصحف فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أمها وأبيها وبعلها وبنيها).
وعليه:
فمن الشواهد على مقاطعة الناس لفاطمة(عليها السلام) وجفائهم لها معاتبتها لسلمان المحمدي الذي انقطع عن زيارة بيت النبوة بعد هذه الأحداث العصيبة التي أحلت به، فكان من عتابها لسلمان (عيه رحمة الله ورضوانه) ما رواه قطب الدين الراوندي بحذف سنده ، وأخرجه العلامة ابن طاووس مسنداً:
(أن سلمان قال: خرجت إلى فاطمة، فقالت:
«جفوتموني بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)»([1]).
ثم قالت:
«أجلس».
فجلست فحدثتني أنها كانت جالسة أمس وباب الدار مغلق، قالت:
«وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ انفتح الباب من غير أن يفتحه منا أحد، فدخلت عليّ ثلاث جوار من الحور العين من دار السلام وقلن: نحن من الحور العين من دار السلام أرسلنا إليك رب العالمين يا ابنة محمد، كنا مشتاقات إليك، فقلت لواحدة منهن، أظن أنها أكبرهن سنا: ما اسمك؟ قالت: مقدودة خلقت للمقداد بن الأسود، وقلت للثانية: ما اسمك؟ قالت: ذرة، خلقت لأبي ذر، وقلت للثالثة: ما اسمك؟ قالت: سلمى، خلقت لسلمان الفارسي».
ثم قالت فاطمة:
«أخرجن لنا طبقاً عليه رطب أمثال الخشكنانك الكبار أشد بياضا من الثلج وأذكى ريحا من المسك الأذفر وقد أحرزت نصيبك لأنك منا أهل البيت فأفطر عليه، وإذا كان غدا فأتني بنواه».
قال سلمان: فأخذت الرطب فما مررت بجماعة إلاّ قالوا: معك مسك، فأفطر عليه، فلم أجد له نواة، فغدوت إليها وقلت: يا ابنة رسول الله لم أجد له عجماً، قالت:
«يا سلمان إنما هو نخل غرسه الله لي في دار السلام بكلام علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي: إن سرك أن لا تمسك الحمى في دار الدنيا فواظبي عليه وقولي: (بسم الله النور النور بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الأمور، بسم الله الذي خلق النور، الحمد لله الذي أنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، بقدر مقدور، على نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور)».
قال سلمان: فتعلمته وعلمته أكثر من ألف إنسان ممن به الحمى فكلهم برءوا بإذن الله)([2]).

والحديث الشريف يكشف عن بعض الأمور، منها:
1 ــ إن الحالة العامة التي استخدمها المسلمون من المهاجرين والأنصار مع بيت النبوة كانت مقاطعة أهل هذا البيت وهجرانهم وجفاءهم على اختلاف منازلهم.
2 ــ إن سلمان كان دافعه في هجران هذا البيت هو حزنه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أن ذلك ترك حزنا في قلوب آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مما عبّر عنه أمير المؤمنين حينما قال لسلمان:
«جفوتمونا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
في حين أن انقطاع الجميع وبهذا الشكل الممنهج يكشف عن إرهاب الحرب الاجتماعية التي خلقتها السقيفة وقياداتها على بيت النبوة.

الهوامش:
([1]) وفي مهج الدعوات للعلامة ابن طاووس: قال سلمان خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعشرة أيام فلقيني علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لي: «يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟»، فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى غير أن حزني على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طال، فهو منفي من زيارتكم، فقال عليه السلام لي: «يا سلمان أئت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة....».
([2]) الخرائج والجرائح للراوندي: ج2، ص533؛ دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص107؛ مهج الدعوات لابن طاووس: ص6.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2737 Seconds