بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ذكر ابن الأثير حديث الإمام علي(عليه السلام) في بيان حكم السارق بقوله: (( يُقْطَع السَّارِقُ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَم)) [1]. التركيب الغريب الذي ورد في حديثه (عليه السلام) (حِمَارَّةِ القَدَمِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ في(حِمَارَّةِ) من أصل(حمر) كما ذُكِرَ في اللغة: الحِمارَّة: القاعدة، والجمع (حمائر)، والحِمَارَّة: الموضع ويقال: الحِمارَّة: حشبة تكون في الهودج [2].
قوله (عليه السلام)( حِمَارَّةِ القَدَمِ)؛ هِيَ مَا أَشرف بَيْنَ مَفْصِلِها وأَصابعها مِنْ فَوْقَ[3]، واستشهد َ ابن منظور بحَدِيثِ الإمام عَليٍّ(عليه السلام) قوله: (( ويُقْطَعُ السارقُ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَمِ)) [4]، كما ذكر (حِمَارَّةُ القَدَمِ): هي المُشْرِفَةُ بَيْنَ أَصابعها وَمَفَاصِلِهَا مِنْ فَوْقَ.
فقد بيَّن الامام (عليه السلام) حكم السارق. ولقائل أن يقولَ: لماذا عنى الامامُ الحُكمَ على السارقِ دونَ غيرهِ من الأنواعِ المؤذية للمجتمع، فتُركَ الغاصب، والمختلسُ، والخائنُ، أو نحو ذلك؟ ويمكن الاجابة: أن الذي جاء به الإمام (عليه السلام) من الله-عز وجل-، وهو عين الحكمة والصواب. وتطبيقا لأوامر الله في قرآنه العظيم؛ ولأنَّ السارق يأخذ اموال الغير خفية، ولا ريب أن الذي يقدم على هذا الفعل خطره يطرد في كل زمان ومكان؛ لأنه لا يبالي في سبيل الوصول إلى غرضه بارتكاب الجريمة، فهو مهدد للناس في حياتهم واموالهم، واعراضهم، وذا لم تشدد عليه العقوبة، كان شره عظيماً.
وَذكر حَدِيثَهُ الْآخَرَ في غسل الرجل قال: ((أَنَّهُ كَانَ يغسِل رِجْلَيْهِ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَم))[5]. فـ (حِمَارَّةِ القَدَمِ): -كما مرَّ ذكره-هِيَ مَا أَشرف بَيْنَ مَفْصِلِها وأَصابعها مِنْ فَوْقَ[6].
الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/439، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث: 1/495، تاج العروس: (حمر)6/304.
[2] ينظر: تهذيب اللغة: (حمر)14/232، والمحكم: (حمر)3/335، ولسان العرب: (حمر)4/213.
[3] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/439
[4] لسان العرب: (حمر)4/213.
[5] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/439.
[6] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 74- 75.