كاشفية خطاب الإمام علي عليه السلام عن عقائد العرب قبل الإسلام خامساً: كيف تعامل الإمام علي عليه السلام مع رجلٍ يعتقد بالعيافة

مقالات وبحوث

كاشفية خطاب الإمام علي عليه السلام عن عقائد العرب قبل الإسلام خامساً: كيف تعامل الإمام علي عليه السلام مع رجلٍ يعتقد بالعيافة

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 13-10-2022

بقلم السيد نبيل الحسني الكربلائي

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والصلاة والسلام على ابي القاسم محمد وعلى آله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين.

أما بعد:
قال ابن سلام في غريب الحديث: العيافة يعني: زجر الطير، يقال منه: عفت الطير أعيفها، ويقال في غير هذا، عافت الطير تعيف عيفا إذا كانت تحوم على الماء، وعاف الطعام يعافه عيافاً وذلك إذا كرهه، وأما قوله في الطرق فإنه: الضرب بالحصى ومنه قول لبيد.

لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى             ولا زاجرات الطير ما الله صانع[1]

وهذا البيت يكشف عن محاولة بعض الشعراء تثقيف الناس على الإيمان بالله تعالى وبما يقدر من القضاء، وإن الطير لأعجز من أن تحط علماً بما يقدر الله تعالى ويصنع.

ويروي ابن جرير الطبري (ت 310هـ) اعتراض أحد الرجال الذين يدعون العيافة على أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في خروجه بالمهاجرين والأنصار لحرب الجمل التي جيّشَ لها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة؛ فقال:
 (لما أراد علي الخروج من الربذة إلى البصرة قام إليه ابن لرفاعة بن رافع، فقال: يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد والى أين تذهب بنا؟ فقال:
«أما الذي نريد وننوي فالإصلاح إنْ قبلوا منا وأجابونا إليه».
قال: فإن لم يجيبونا إليه؟
قال: «ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر».
قال: فإن لم يرضوا؟ قال:
«ندعهم ما تركونا».
قال فإن لم يتركونا قال:
«امتنعنا منهم».
قال: فنعم إذاً.

وقام الحجاج بن غزية الأنصاري فقال: لأرضينك بالفعل كما أرضيتني بالقول وقال:

دراكها دراكها قبل الفوت             وانفر بنا واسم بنا نحو الصوت
                       لا وألت نفسي إن هبت الموت

والله لأنصرن الله عز وجل كما سمانا أنصارا .

فخرج أمير المؤمنين وعلى مقدمته أبو ليلى بن عمر بن الجراح، والراية مع محمد بن الحنفية، وعلى الميمنة عبد الله بن عباس، وعلى الميسرة عمر بن أبي سلمة أو عمرو بن سفيان بن عبد الأسد وخرج علي وهو في سبعمائة وستين، وراجز علي [عليه السلام] يرجز به:

سيروا أباييل وحثوا السيرا         إذ عزم السير وقولوا خيرا
حتى يلاقوا وتلاقوا خيرا           نغزو بها طلحة والزبيرا

وهو أمام أمير المؤمنين [عليه السلام]، وأمير المؤمنين علي [عليه السلام] على ناقة له حمراء، يقود فرسا كميتا فتلقاهم بفيد غلام من بني سعد بن ثعلبة بن عامر يدعى مرة، فقال: من هؤلاء؟
فقيل: أمير المؤمنين [عليه السلام]، فقال: سفرة فانية، فيها دماء من نفوس فانية، فسمعها علي [عليه السلام] فدعاه، فقال:
«ما أسمك»؟
 قال: مرة؛ قال:
«أَمَرَّ اللهُ عيشك، كاهن سائر القوم»؟ قال: بل عائف.
 فلما نزل بفيد أتته أسد وطيء فعرضوا عليه أنفسهم، فقال:
«الزموا قراركم، في المهاجرين كفاية»[2] .
ويظهر من رواية الطبري سريان عقيدة التطير والعيافة فيما بين الناس لا سيما الإنسان العربي في العراق والشام والحجاز واليمن وغيرها)[3]

الهوامش:
[1] الفايق في غريب الحديث، الزمخشري: ج2 ص312 .
[2] تاريخ الطبري: 3 ص495؛ الفتنة ووقعة الجمل، سيف بن عمر الضبي: ص137؛ شرح نهج البلاغة، المعتزلي: ج14 ص18.
[3] ينظر: أثر الميثولوجيا العالمية في تكوين عقائد العرب قبل الإسلام، السيد نبيل الحسني: ص 108 - 110 اصدار العتبة الحسينية المقدسة – مؤسسة علوم نهج البلاغة/ ط1 دار الوارث- 2022م.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3574 Seconds