بقلم: الدكتور علي الفتال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الاخيار الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم والناصبين لهم العداء الى قيام يوم الدين.
أما بعد:
ولما بايع بشير بن سعد أبا بكر، وأزدحم الناس على أبي بكر فبايعوه، مرَّ أبو سفيان بن حرب بالبيت الذي فيه عليُّ بنِ أبي طالب عليه السلام فوقف فانشد:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكمُ ولاسيما تيم أبن مرّة أو عديّ
فما الأمر إلا فيكم واليكمُ وليس لها إلا أبو حسن علي
أبا حسن فأشدد بها كف حازمٍ فانك بالأمر الذي يرتجى ملي
فلما كان من الغد قام أبو بكر فخطب الناس وبعد انتهائه من خطبته قال أبن أبي عبرة القريشي (5/20-21): -
شكر لمن هو بالثناء حقيق ذهب اللجاح وبويع الصدِّيق
من بعد ما زلت بسعدٍ نعله ورجا رجاءً دونه الضيوُّق
حفت به الأنصار عاصِبَ رأسه فاتاهم الصديق والفاروق
وأبو عبيدة والذين اليهمُ نفس المؤمل للقاء تتوق
كنا نقول لها: علي والرضا عمر وأولاهم بذاك عتيق
فدعت قريش باسمه فأجابها أن المنوّه بأسمه الموثوق
قل للاولى طلبوا الخلافة زلة لم يخطُ مثل خطاهمُ مخلوق
أن الخلافة في قريش ما لكم فيها - ورب محمد- معروق
وقال أحد ولد أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم شعراً (5/21): -
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
أليس أول من صلى لقبلتكم وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وأقرب الناس عهداً بالنبي ومن جبريل عون له بالغسل والكفن
ما فيه ما فيهم لايمترون به وليس في القوم ما فيه من الحسن
ماذا الذي ردهم فيه فتعلمه ها ان ذا غبننا من أعظم الغبن
وخطب خالد بن الوليد، وكان شيعة لأبي بكر، ومن المنحرفين عن علي:
فاشاد بابي بكر فعجب الناس من كلامه، ومدحه حَزن بن أبي وهب المخزومي، وهو جد سعيد بن المسيب الفقيه وقال (5/22-23): -
وقامت رجال من قريش كثيرة فلم يك منهم في الرجال كخالد
ترقى فلم يزلق به صدر نعله وكفّ فلم يعرض لتلك الأوابد
فجاءبها غراء كالبدر ضوؤها فَسَيَّحَها في الحسن أم القلائد
أخالد لا تعدم لؤي بن غالب قيامك فيها عند قذف الجلامد
كساك الوليد بن المغيرة مجده وعلمك الأشياخ ضرب القماصد
تقارع في الأسلام عن صلب دينه وفي الشرك عن أحساب جد ووالد
وكنت لمخزوم بن يقظة جُنَّة يَعُدُّك فيها ماجداً وابن ماجد
إذا ما سما في حربها ألف فارسٍ عدلت بألفٍ عند تلك الشدائد
ومن يك في الحرب المثيرة واحد فما أنت في الحرب العوان بواحد
إذا ناب أمر في قريش مُخلَّجٌ تشيب له رؤس العذارى النواهد
توليت منه ما يخاف وأن تغب يقولوا جميعاً: حظنا غير شاهد [1]
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج2، ص 43-45.