من أغراض الدعاء في نهج البلاغة الحلقة الثانية/ من آثار دعائه عليه السلام وتهجده

مقالات وبحوث

من أغراض الدعاء في نهج البلاغة الحلقة الثانية/ من آثار دعائه عليه السلام وتهجده

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-02-2023

بقلم: الدكتور خليل خلف بشير

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
   لم يكن الدعاء وسيلة لإظهار التعبد والتذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى فحسب بل أنه يحمل معاني عديدة منها:
دعاء أمير المؤمنين عليه السلام في السحر إذ يقول فيه :((إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، وحبك في قلبي مكين، مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة، وعينا بالرجاء ممدودة، إلهي أنت مالك العطايا وأنا أسير الخطايا، ومن كرم العظماء الرفق بالأسراء، وأنا أسير بجرمي مرتهن بعملي الهي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله، وأوحش المسلك على من لم تكن أنيسه، الهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، وإن طالبتني بسريرتي لأطالبنك بكرمك، وإن طالبتني بشري لأطالبنك بخيرك، وإن جمعت بيني وبين أعدائك في النار لأخبرنهم أني كنت لك محبا، وأنني كنت اشهد أن لا إله إلا الله . الهي هذا سروري بك خائفا فكيف سروري بك آمنا، الهي الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك، فهب لي ما تسرك واغفر لي ما لا تضرك، فهب لي ما يسرك واغفر لي ما لا يضرك، وتب علي انك أنت التواب الرحيم، ...))[1].
وكذا دعاؤه عند النوم، وعند تقلبه في الفراش، وفي جوف الليل، وبعد الركعة الثامنة من صلاة الليل، وفي ركعة الوتر[2]، وغيرها، لذا تنوعت الأدعية بما يناسب نوع الصراع لتكون أسلحة فعّالة على مختلف الجهات التي ينفذ منها إبليس وجنوده فلكل وقت دعاء، ولكل حالة دعاء، ولكل شأن دعاء ولكل مكان دعاء حتى يكاد الدعاء يحيط بالمرء إحاطة المعصم باليد ليجعله ذاكراً لله في كل وقت وحين فلا يستطيع الشيطان أن يلعب بقلبه أو بعقله، وقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مولعاًً بالدعاء والابتهال إلى الله في الأوقات جميعها إذ كان يلهج به في آناء الليل وأدبار النهار في الحل والترحال، وفي ساحات القتال، ذاكراً ذلك بمزيد من التذلل  والخضوع عظيم قدرة الله، وعجيب مخلوقاته، وبديع صنعه، ورحمته على عباده[3]، ومن أمثلة هذه الأدعية أدعية الصباح والزوال والمساء والسحر فضلاً عن أدعية الأوقات المخصوصة مثل ليلة الجمعة ويوم الجمعة وليالي الأعياد والمناسبات الدينية الأخرى[4]،وقد حثّ أمير المؤمنين على الدعاء في يوم الجمعة عاداً إياه سيد الأيام وعيداً من أفضل الأعياد في قوله ((ألا إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا، وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم، وقد أمركم الله تعالى في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره فلتعظم فيه رغبتكم ولتخلص نيتكم وأكثروا فيه من التضرع إلى الله والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فإن الله يستجيب لكل مؤمن دعاءه ويورد  النار كل مستكبر عن عبادته قال الله تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[5] واعلموا أن فيه ساعة مباركة لا يسأل الله فيها مؤمن خيرا إلا أعطاه))[6])[7].

الهوامش:
[1]- المزار / محمد بن المشهدي 150.
[2] - ينظر : أدعية الإمام علي (عليه السلام)- الصحيفة العلوية، 208، 209، 210، 215، 216،وغيرها.
[3] - موسوعة الإمام أمير المؤمنين 4/13.
[4]- ينظر  : أبواب الرحمة 132-133.
[5]- الآية 60 من سورة غافر.
[6] -  مصباح المتهجد / الشيخ الطوسي 382.
[7]لمزيد من الاطلاع ينظر: من النتاج الفكري لأمير المؤمنين عليه السلام تفسيره المغيب للقرآن الكريم وادعيته العلوية للدكتور خليل خلف بشير، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 135-137.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2434 Seconds