نبذة عن الكتاب:
لَعَلَّ مِن أَهمِّ السِّمَاتِ الَّتِي تُنَادِي بِهَا الجَمعيةُ العَامَّةُ لِلأمُمِ المُتَّحِدَةِ وَمُنذُ تَأسِيسِها عَام 1945م هوَ المَدنيَّةُ بِمَفهُومِها الحُقُوقِيِّ المُرتَكِز عَلى ثَلاثةِ مَبادئ هي: (الكَرَامَة، وَالحُرية، وَالمُساواة) بينَ بَنِي البَشر.
وَقد سَعَت جاهدةً -بِما أُتيحَ لها من وسائل- لتقنين هذه المبادئ عِبْرَ جملة من العهود الدُّولية، ومنها العَهد الدُّولي الخاص بالحقوق المدنية والسِّياسيِّةِ عام 1966م وَإلزام الدُّول الموقعة على العهد وَحثّها على العملِ بتطبيقِ بنودِ هذهِ المعاهدةِ.
وَمِن ثَمَّ: عدَّها لِهذا الأَمرِ من أوجه الحضارةِ الإنسانيَّة لما يهدف إليه من تحقيق لهذه المبادئ، لاسيما في قانون الحكومات والدول الموقعة عليه.
ولو تسنَّى للجمعيَّة العامَّة لِلأُمَم المتَّحدةِ دِراسة عَهد الإِمامِ عليٍّ (عَليه السَّلامُ) لِمَالكٍ الأشتر (رحمهُ اللهُ) حينَ وَلَّاه حَاكمًا على مصر، وَتَبَاحَثَت فِيما تَضَّمْنَهُ العهدُ مِن بنودٍ عدّة في نظام الحكم وإدارة الدولة، وَتأصيل مبادئ المدنيَّة في الكَرامة وَالحُرية وَالمُسَاواة وَالعَيش بَأمَان مِن الفقرِ وَالخوف وَتوزيع ثروات البلد عَلى أبنائهِ وعمارتهِ واستصلاح أهله لاتخذته مرجعًا أصيلًا فِي مشروعِها الحُقُوقِيِّ، بَل وَافتخرت به في محافلِها الأمميَّة، فهو الحاكمُ المُتفرِّدُ الَّذي وَظَّفَ الحكم فِي تحقيق المدنيَّة والحَضارة الإنسانيَّة وَلم يُوَظِّف المدنيّة في تحقيق الحكم.
وهو ما سعى إليه الباحثُ في بحثِهِ وبيانهِ عِبْرَ دراسةِ العهدين والمقارنة بينهما في المبادئ والمفاهيم والمواد، وبيان الفوارق والأسس الَّتي امتاز بها عهد الإمام علي (عليه السلام) على العُهد الدُّوليِّ للجمعيَّة العامَّة للأُمِم المُتَّحدةِ الخاصّ بالحقوقِ المدنيَّةِ.