مقومات التنمية البشرية للشخصية القيادية في نهج البلاغة: الأخلاق القويمة للإدارة ـ التأسي بالقدوة.

مقالات وبحوث

مقومات التنمية البشرية للشخصية القيادية في نهج البلاغة: الأخلاق القويمة للإدارة ـ التأسي بالقدوة.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-10-2023

بقلم: م . م علي فاخر حسن.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين محمد وآله الطاهرين.
وبعد:
إنّ أحد الامور المهمة التي ينبغي ملاحظتها في كتاب نهج البلاغة الشريف، المفاهيم الاخلاقية التي ضمّنها امير المؤمنين (عليه السلام) في العديد من كتبه وسائله التي تخص شؤون السياسة ولوازمها ،ومن بين تلك الاخلاق:
2. التأسي بالقدوة:
يعد الإمام علي (عليه السلام) الشخصية الأمثل بعد النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فهو خير إنسان يمكن أن يقتفي الناس اثره في كل تفصيلات حياته، وقد وصف نفسه خير وصف بقوله (عليه السلام)) ((إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ يَسْتَضِي‏ءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا فَاسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَعُوا وَأَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا))  أي انه (عليه السلام)بين الأمة ((كالسراج يستضيء بها من ولجها أي دخل في ضوئها. وآذان قلوبكم كلمة مستعارة جعل للقلب آذانا)) ، وان مراد الإمام (عليه السلام) من قوله المبارك بأن الظلمة هي الفساد والضلال، وبالسراج هو الهدى والصلاح، والإمام علم الهدى والحق، ومنار الخير والعدل، من استرشد به فهو المهتدي، ومن ضل عن سبيله فهو من الخاسرين ، وتقدير الكلام أن الطالبين للهداية منه والمتبعين له يستضيئون بنور علومه وهدايته إلى الطريق الأرشد، كما ان السالكين يهتدون به في الظلمة، وهو أجمل تمثيل يصور (عليه السلام) انغمار القوم في الظلمة لولا وجوده فيهم، كالسراج الماحي للظلمة ، إن من يتصدى لقيادة الأمة وادارة شؤونها بدون مقدرة عليها، فمثله كمثل من تلبس بنسج العنكبوت بقوله (عليه السلام) ((فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ)) ، فقد شبه (سلام الله عليه)، المتصدين للأمور العامة بدون مؤهلات، بحال الجاهل المتصدي مع الشبهات، مثل الداخل بنسيج العنكبوت او بانيه، لان في الحالتين النتيجة سلبية، وتنتج التدهور والتخبط لمن يسير بدون دليل، اما الراسخون في علم الكتاب والسنة هم المرجع في دفع الشبهات عن دين الله وشريعته، وحل المشكلات حين تلتبس الآراء، وتختلف الأهواء، لأنهم على يقين من معرفة الحق، أما الجاهل الذي يتسم بسمات أهل العلم وليس منهم فهو عار وشنار على الدين وأهله، لأنه في ضعفه علما وفهما كنسج العنكبوت، وما أضعف من يتقي بهذا النسج من العدو وضرباته ، فحال الجاهل مثل ((الذباب الواقعة فيه ومثلما لا يستطيع الذباب استنقاذ نفسه من شباك العنكبوت، كذلك ذهن هذا الرجل اذا وقع في الشبهات لا يهتدي إلى وجه الحق ليخلص نفسه مما التبس عليه)) ، وبهذه الصورة الصغيرة في حجمها الكبيرة في معانيها، تتجلى قوة التفكير عند الإمام علي (عليه السلام) في بناء المجتمع الإسلامي وتهذيب النفس الإنسانية بضرورة التحلي بالعلم والحلم والتخلق بخلق الانبياء والصالحين، باعتبار ان مسؤولياتهم كبيرة وأثرهم كبير وأنهم خير قدوة لأن الله امتحن قلوبهم ووجدهم اهلاً للنبوة أو الرسالة أو الإمامة، فتكون محفزا كبيرا في عملية الإقتداء في طريق التقدم الإنساني).

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2370 Seconds