حركة التاريخ في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأثرها الارشادي.

مقالات وبحوث

حركة التاريخ في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأثرها الارشادي.

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-10-2023

بقلم : السيد نبيل الحسني.

من البديهي أن يهتم رسول الله . بحركة التاريخ وهو يرى الوحي قد نزل على قلبه بهذا الكم الكبير من الآيات التي تخبره عن الحركة التاريخية والسنن التاريخية لمختلف الأمم التي خلقها الله تعالى، إذ لا يخفى أن القرآن يعرض الحركة التاريخية للأمم الأخرى غير الأنس، كالملائكة وسجودها لآدم، والشياطين ودورها في انحراف الأمم. ولذا تبدأ هذه الحركة منذ خلق آدم عليه السلام.
بل القرآن يتحدث عن الحركة التاريخية للعلوم ونشأتها وتطورها، كمراحل خلق السموات والأرض، ومراحل النشأة والتكوين للعناصر الحياتية على الأرض، وتاريخ تكوّن الأعراق البشرية، واختلاف الألوان والألسن، وغيرها مما لا حصر له، فما من علم إلا وله بداية نشأ منها وانطلق من عندها ليكوّن بذلك سجلا تاريخياً يدون فيه سير هذه الحركة التاريخية لهذا الصنف من العلم أو ذاك، ولهذه الأمة أو تلك.
من هنا: ظهرت الحركة التاريخية عند رسول الله . واسعة وعميقة، فقد روى أحمد في المسند عن عمران بن حصين، قال: "كان نبي الله (صلى الله عليه وآله)، يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل لا يقوم إلا لعظيم صلاة"([1]).

ويبدو أن السبب في تركيز النبي الأكرم . على بني إسرائيل لعدة أمور، منها:
1 ــ تعاقب عدد من الأنبياء (عليهم السلام) اللذين أرسلهم الله إليهم.
2 ــ تنوع الجوانب الحياتية لديهم باختلاف الأزمنة التي بعثت بها أنبياؤهم؛ بمعنى أن كل فترة من الفترات التي تعاقب عليها الأنبياء واختلفت فيها الأمكنة تعد سجلا تاريخيا للحركة البشرية.
3 - اختلاط اليهود بالمسلمين وتشكيلهم نسبة جيدة من الجغرافية العربية التي تعددت فيها المعتقدات، فقد ظهرت في الجزيرة والعراق واليمن والشام مجموعة من المعتقدات المتقاطعة مع معتقدات المسلمين.
4 - قرب زمانهم من زمان بعث النبي . وهذا يدل على استيعاب المسلمين لأثر السنن التاريخية التي مرّت بها مجتمعات بني إسرائيل.
5- نفوذ الثقافة اليهودية والنصرانية في أندية المدينة بشكل خاص.
6- تجدد العوامل الفاعلة في حركة السنن التاريخية في أمة المصطفى [2].

وهو الأمر الذي كان ينّبه عليه رسول الله . ويحذّر المسلمين منه، بعد أن لاحظ النبي الأكرم . أن العديد من أصول السنن التاريخية بدأت تتحرك في أمته.
ولذا أراد حفظهم من عدم تحقق هذه السنن التاريخية كي لا تحصد الأمة ما سيترتب على هذه السنن من نتائج.
ومن ثمَّ: نجده . كان يحدث المسلمين عن تلك السنن التاريخية التي جرت في بني إسرائيل، كي يحذرهم منها ويأمنوا من الوقوع بها. وهو في نفس الوقت أعطى خزيناً تاريخياً وعاملاً نهضوياً في قيام الحركة التاريخية عند المسلمين[2].
واستشرافاً لمجريات الأحداث التي سيقع فيها المسلمون من بعده كما وقع من كان قبلهم من الأمم ولاسيما بني إسرائيل.

الهوامش:
([1]) المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري: ج2، ص379. البداية والنهاية ، ابن كثير: ج 2، ص 157، وقال: رواه أبو داود عن قتادة، عن أبي حسان، عن عبد الله بن عمرو. والحديث رواه البزار من هذا الطريق، ومن طريق عمران بن حصين.
[2] لمزيد من الاطلاع ، ينظر: حركة التاريخ وسننه عند علي وفاطمة (عليهما السلام) ، السيد نبيل الحسني : ص48 – 49 

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2388 Seconds