بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
ممَّا ورد في المرويَّات من صيغة(أفعل) دالًّا على التَّعدية قول ابن منظور في بيان معنى لفظة(أضْرَع): «ومِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ: أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكم، أَي: أَذلَّها، ويُقَالُ: لِفُلَانٍ فَرَسٌ قد ضَرِعَ بِهِ، أَي: غَلَبَه»([1]).
قالَ ابنُ سيده: «ضَرَع إِلَيْهِ، يَضْرَع ضَرْعًا وضَرَاعَةً، فَهُو ضارِعٌ، من قومٍ ضَرَعَة وضُرُوع، وتَضَرَّع، كِلَاهُمَا: تذلَّل وتَخَشَّع، وأضرعتْهُ إِلَيْهِ الحَاجةُ»([2])، فنجد معنى(ضَرَع) ذَلَّ، وهو فعل لازمٌ، فلمَّا أدخلَ الإمامُ(عليه السَّلام) الهمزة عليه صارَ متعدِّيًا.
يصفُ الإمامُ(عليه السَّلام) أصحابه في هذه الخُطبةِ بصفاتٍ، منها فرارهم وتركهم الجهاد، وإغلاق أبوابِ بيوتهم خوفًا من مَنَاسِرِ(طَلائع) أهلِ الشَّام، ثمَّ بيَّن مرضهم، ودواءَه، إذ قالَ: «وإنِّي لعالِمٌ بما يُصلحكم، ويُقيم أودَكم، ولكنِّي واللهِ لا أرى إصلاحَكم بإفسادِ نَفسِي»([3])، ولكنَّ إصلاحهم فيه ضياع لدينهِ؛ لـذلك ترك السَّيف الَّذي فيــهِ إصلاحهم، والتجأ إلى الدُّعاءِ فقالَ: (أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكم. . .)، أيْ: أذلَّ وجوهكم، فجاءَ بلفظِ الخدودِ وأراد الوجوه، وهذا يُسمَّى(تسمية الكلِّ بالجزء).
الصَّيرورة: هيَ من معاني الهمزة الدَّاخلة على الفعل الثُّلاثيّ(فَعُلَ)، أي: تكون لصيرورةِ ما هو فاعل(أفْعَل) صاحب شيء وهو على وجهين: إمَّا أنْ يصير صاحب ما اشْتُقَّ منه، نحو ألحم فلان، أي: صار ذا لحمٍ، وإمَّا أنْ يصيرَ صاحب شيءٍ هو صاحبُ ما اشْتُقَّ منه، نحو أجربَ الرَّجُلُ، أي: صار ذا إبلٍ ذاتِ جربٍ([4]). )([5]).
الهوامش:
[1] لسان العرب(ضرع): 8/222.
[2] المحكم والمحيط الأعظم(ض ر ع): 1/403.
[3] ينظر: شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/102.
[4] ينظر: ديوان الأدب، للفارابي(ت350هـ): 2/337 -338، وأوزان الفعل ومعانيها، هاشم طه شلاش: 58.
[5] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 102-103.