الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام في خطبة له (عليه السلام) في (صفة النبي صلى الله عليه وآله)

سلسلة قصار الحكم

الدنيا في خطب الإمام علي عليه السلام في خطبة له (عليه السلام) في (صفة النبي صلى الله عليه وآله)

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-11-2023

بقلم السيد عبد الحسين الغريفي المشهدي

الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيّد الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد:
الدنيا في خطبة له عليه السلام: في صفة النبي وأهل بيته واتباع دينه والنصح بالتقوى:
ابْتَعَثَه بِالنُّورِ الْمُضِيءِ، والْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ، والْمِنْهَاجِ الْبَادِي، والْكِتَابِ الْهَادِي، أُسْرَتُه خَيْرُ أُسْرَةٍ، وشَجَرَتُه خَيْرُ شَجَرَةٍ؛ أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ، وثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ، مَوْلِدُه بِمَكَّةَ، وهِجْرَتُه بِطَيْبَةَ – إلى أن يقول عليه السلام في النصح بالتقوى - أُوصِيكُمْ عِبَادَ الله، بِتَقْوَى الله وطَاعَتِه، فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً، والْمَنْجَاةُ أَبَداً، رَهَّبَ فَأَبْلَغَ، ورَغَّبَ فَأَسْبَغَ، ووَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وانْقِطَاعَهَا، وزَوَالَهَا وانْتِقَالَهَا.
 فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا، أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ الله، وأَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ الله! فَغُضُّوا عَنْكُمْ - عِبَادَ الله - غُمُومَهَا وأَشْغَالَهَا، لِمَا قَدْ أَيْقَنْتُمْ بِه مِنْ فِرَاقِهَا وتَصَرُّفِ حَالَاتِهَا[1] فَاحْذَرُوهَا حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ، والْمُجِدِّ الْكَادِحِ[2]...

شرح الألفاظ الغريبة:
المنهاج البادي: أي الظاهر؛ المتهدّلة: المتدلّية، دانية للاقتطاف؛ طيبة: المدينة المنورة؛ أسبغ: أي أحاط بجميع وجوه الترغيب؛ الشفيق: الخائف؛ الناصح: الخالص؛ الكادح: المبالغ في سعيه[3].

الشرح:
 عقب [رسول الله صلى الله عليه وآله] بالموعظة، فبدء بالوصية بتقوى الله وطاعته وأطلق عليها لفظ النجاة مجازاً إطلاقاً لاسم المسبّب على السبب المادّي لكونها معدّة لإفاضة النجاة من عذاب يوم القيامة، وقيل: النجاة الناقة التي ينجي عليها فاستعار لفظها للطاعة لأنها كالمطيّة ينجو بها المطيع من العطب، ولفظ المنجاة إذ هي محل النجاة دائماً، والضمير في رهب ورغب لله: أي فأبلغ في وعيده وأسبغ الترغيب فأتمه، ووصف الدنيا بالأوصاف الموجبة للرغبة عنها.
ثم أمر عليه السلام بالإعراض عن زينتها، وعلل حسن ذلك الإعراض بقلبة ما يستصحب الإنسان منها إلى الآخرة، وأراد الإعراض بالقلب الذي هو الزهد الحقيقي، وإنما قال: لقلة ذلك ولم يقل لعدمه لأن السالكين لابد أن يستصحبوا منها شيئاً وهو ما يكتسبه أحدهم من الكمالات إلى الآخرة لكن القدر الذي يكتسبه المترفون من الكمالات إذا قصدوا بأموالهم وسائر زينة الحياة الدنيا الوصول إلى الله تعالى قليل نور، ومع ذلك فهم في غاية الخطر من مزلة القدم في كل حركة وتصرف بخلاف أهل القشف الذين اقتصروا منها على مقدار الضرورة البدنية، ويحتمل أن يريد بالقليل الذي يصحبهم منها كالكفن ونحوه، وإنما كانت أقرب دار من سخط الله وأبعدها من إطاعة الله لأن الميل فيها إلى اللهو واللعب والاستمتاع بزينتها المستلزم لسخط الله أغلب من الانتفاع بها في سلوك سبيل الله.
وقوله: ((فغضوا)): أي فكفوا عن أنفسكم الغمّ لأجلها والاشتغال بها لما تيقّنتم من فراقها لأنّ الغمّ إنما ينبغي أن يوجه نحو ما يبقى.
ثم حذر منها حذر الشفيق على نفسه الناصح المجدّ الكادح لها[4].)([5]).

الهوامش:
[1] في نهج البلاغة لابن ميثم والشيخ محمد عبده: (حالها) بدل (حالاتها).
[2] نهج البلاغة لصبحي صالح: 229-230/ خطبة رقم 161، ونهج البلاغة للمحقق الشيخ العطار: 303-304/ خطبة رقم 161، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم 3: 288-289/ خطبة رقم 160، ونهج البلاغة للشيخ محمد عبده 1: 315-316.
[3] شرح الألفاظ الغريبة: 633.
[4] شرح نهج البلاغة لابن ميثم 3: 291-292/ شرح الخطبة رقم 160.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الدنيا في نهج الإمام علي عليه السلام: السيد عبد الحسين الغريفي، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 179-182.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2887 Seconds