.png)
مقالات وبحوث
بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي
الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..
اما بعد:
تكرر هذا اللفظ في ثماني مواضع من النَّهْج
ودلَّ على معنى حقيقي فورد مفرداً (وادٍ) في ذكر الموت قائلاً: «نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ، وَأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا، رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا، سُرُوحُ عَاهَة بِوَاد وَعْث، لَيْسَ لَهَا رَاع يُقيِمُهَا، وَلاَ مُسِيمٌ يُسِيمُهَا»([1]) فالوَعْث: الرخو: يصعب السير فيه ([2])، ولكونه اسم منقوص حذفت منه الياء وهو في حالة الجر. وجمعا على زنة (الأفعلة)، وهو جمع قلة في صفات بيته الحرام: «ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الأرض حَجَراً، وَأَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مـَـدَرَاً، وَأَضْيَقِ بُطُونِ الاْوْدِيَةِ قُطْراً، بَيْنَ جِبَال خَشِنَة، وَرِمَال دَمِثـَـة»([3]).
ووردت لفظة الوادي مضافا الى الضمائر (هِ،) وتعود الى الله او للسيل ؛وذلك في قوله (عليه السلام): في فتنة بني امية: « وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ، وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْد، وَلاَ حِدَا بُأرض، يُذعْذِعُهُمُ اللهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَتِهِ»([4]).
فـ(بطون الأودية): كناية عن مسالك الاختفاء. فإنَّ اللهَ ينزل من السماء ماءاً فيكنه في أعماق الأرض فيظهره ينابيع على سطحها، كذلك حال هؤلاء القوم يفرقهم الله في بطون الأودية وغوامض الأرض، ثم يظهرهم بعد الاختفاء، فيأخذ بهم من قوم حقوق آخرين، ومصداق هذا الخبر أمر الشيعة الهاشمية واجتماعها على إزالة ملك بني أمية ممن كان منهم ثابتا على ولاية الإمام ومن حادَ عنها([5]). والوادي: كل مفرج بين جبال واكام وتلال، يكون مسلكاً للسيل او منفذاً، والجميع الأودية، على تقدير فاعل وافعلة، وانما جاءت هذه العلة لاعتلال آخره، وكذلك نادٍ وأندية([6]). )([7]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: ك 31، 298.
([2]) ظ: نهج البلاغة: تح: فارس الحسون: 644.
([3]) خ 192، 231.
([4]) خ 166، 173.
([5]) ظ: منهاج البراعة: 10 / 85.
([6]) ظ: العين (مادة ودى): 8 / 99.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 250-251.
