الأنبياء حجة الله على العباد

الإصدارات

الأنبياء حجة الله على العباد

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 27-03-2017

فإن من ألطاف الله سبحانه على العباد هو جعل الخليفة قبل الخليقة، قال تعالى في محكم كتابه:

ƒوَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً‚([1])، وهذا ما أشار إليه الإمام الصادق عليه السلام بقوله:

«الحجة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق»([2]).

وعليه فالحكمة من جعل الخليفة قبل الخليقة أبلغ، كون الله عز وجل لا يترك عباده بلا إرشاد ولا موعظة، أو أن يتركهم في هذه الدنيا لا يعلمون شيئا من قوانين السماء لذلك جعل الله الخليفة قبل الخليقة، إذاً فالخليفة هو الذي ينبأ عن الله وهو لسانه الناطق بالحق، فلو بدأ الله بالخليقة لتاهت العباد ولم تكن عليهم حجة من الله عند ارتكابهم المعاصي كونهم غير مبلغين بذلك وحاشا لله أن يترك عباده بالعمى والجهل، بل جعل لهم حججاً أرأف بهم من أنفسهم، قال تعالى:

ƒلَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‚([3]).

فالأنبياء بيّنوا للعباد كل ما أراد الله لهم أن يوصلوا من احكام شرعية وامور تخص الدنيا والآخرة، والله عز وجل لا يحاسب العباد إلا بعد التبليغ، ولا يتم  هذا التبليغ إلا من خلال الحجج الأطهار، فمن هنا أوجب الله طاعة الحجج كونهم المبلغين عن الله ولا ينطقون بشيء إلا من عند الله عز وجل.

وفي قصة النبي آدم عليه السلام وسجود الملائكة له خير دليل على وجوب طاعة الخليفة فالله أسجد ملائكته لآدم وأمرهم بذلك فكانت هذه أول إشارة من الله إلى وجوب طاعة خلفائه،  فسجود الملائكة لآدم كان طاعة وعبودية لله، إلا إبليس لم يسجد لآدم فأصبح من العاصين، وهذا الحال يجري مجراه في الخليفة، فمن لم يتبع حجج الله ويقتدي بهم ولم يتبع أوامرهم ونواهيهم أصبح من المعاندين ويكون مصيره مثل ابليس لعنه الله.

أن القضية في الخليفة باقية إلى يوم القيامة، ومن زعم أن الخليفة أراد به النبوة فقد أخطأ من وجه، وذلك أن الله عز وجل وعد أن يستخلف من هذه الأمة (الفاضلة) خلفاء راشدين كما قال جل وتقدس:

ƒوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا‚([4]).

ولو كانت قضية الخلافة قضية النبوة أوجب حكم الآية أن يبعث الله عز وجل نبيا بعد محمد صلى الله عليه وآله وما صح قوله: (وخاتم النبيين)، فثبت أن الوعد من الله عز وجل ثابت من غير النبوة وثبت أن الخلافة تخالف النبوة بوجه وقد يكون الخليفة غير نبي ولا يكون النبي إلا خليفة»([5]).

الهوامش:

([1]) البقرة: 30.

([2]) الكافي،  ج1، ص177، ح4، باب (أن الحجة لا تقوم لله على خلقه الا بامام).

([3]) التوبة: 128.

([4]) النور: 55 .

([5]) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص654.

 

عدد مرات التحميل : 1794
المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.3043 Seconds