فإن بعثة الأنبياء إنما هي تذكرة للناس، قال تعالى: طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى([1])، وقوله: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا([2]).
وفي هذه الخطبة يبيّن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إن الله قد خص الإنس والجن برحمته فبعث اليهم الأنبياء لكي يعلم الجن أنهم مكلّفون بعبادة الله وطاعته كما كلّف الإنس بذلك، وبما أن الدنيا أزاغت قلوب الكثير من الجن والإنس فمن وظيفة الأنبياء أن يبيّنوا لهم ما جهلوا من الامور ويحذروهم الدنيا وتقلبات أحوالها، وإن الله لعنها.
فمن وصية النبي صلى الله عليه وآله الى أبا ذر قال:
«يا أبا ذر ان الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ما ابتغى به وجه الله عز وجل يا أبا ذر ما من شيء أبغض إلى الله من الدنيا خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة وما من شيء أحب إلى الله تعالى من الايمان به وترك ما أمر ان يترك يا أبا ذر ان الله تعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام يا عيسى لا تحب الدنيا فإني لست أحبها وأحب الآخرة فإنها هي دار المعاد»([3]).
الهوامش:
([1]) سورة طه الآية: 1 - 3.
([2]) سورة المزمل الآية: 19.
([3]) مكارم الاخلاق، الطبرسي، ص462.