ليس الخيرُ أنْ يَكثُرَ مالُك ووَلَدُكَ، ولكنَّ الخيرَ أنْ يكثرَ عِلمُك، وأنْ يَعظُمَ حِلْمُكَ، وأنْ تُباهِيَ النَّاسَ بِعِبادَةِ ربِّكَ. فإنْ أَحْسنْتَ حمدتَ اللهَ وإن أسأتَ استغفَرْتَ اللهَ. ولا خَيرَ في الدنيَا الا لرَجُلينِ؛ رَجُلٌ أذنَبَ ذُنوبَاً فهو يَتَدارَكُها بالتَّوبَةِ، ورَجُلٌ يُسارعُ في الخَيرَاتِ
بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
أما بعد:
قال الإمام علي (عليه السلام): ليس الخيرُ أنْ يَكثُرَ مالُك ووَلَدُكَ، ولكنَّ الخيرَ أنْ يكثرَ عِلمُك، وأنْ يَعظُمَ حِلْمُكَ، وأنْ تُباهِيَ النَّاسَ بِعِبادَةِ ربِّكَ. فإنْ أَحْسنْتَ حمدتَ اللهَ وإن أسأتَ استغفَرْتَ الله. ولا خَيرَ في الدنيَا الا لرَجُلينِ ؛ رَجُلٌ أذنَبَ ذُنوبَاً فهو يَتَدارَكُها بالتَّوبَةِ، ورَجُلٌ يُسارعُ في الخَيرَاتِِِ([1]).
يلخص الإمام عليه السلام في هذه الحكمة فلسفة الحياة، وأن الناس ينقسمون على فئتين فئة اجترحت الذنوب والموبقات، فهي تسعى لتتداركها بالتوبة. وفئة تسارع في فعل الخيرات. أي أن الفئة المفسدة ينبغي عليها إصلاح واقعها، وشأنها. والفئة المصلحة عليها الاستمرار في رسالتها. وأن المحصلة النهائية وجود مجتمع صالح.
وإذا فسرت الحكمة بالمآل والقرار الذي تنتهي إليه الحياة، ومصير الناس في يوم القيامة، وهو المراد هنا، فإن الفئة الضالة أولى أن تعالج أمرها، وإلا كان مصيرها إلى نار جهنم – أعاذنا الله تعالى منها – وأن الفئة الصالحة، ينبغي أن تحافظ على أعمالها الصالحة في مواصلة فعل الخير، لتفوز برحمة الله سبحانه يوم القيامة.
ويبين الإمام عليه السلام، دلالة الخير التي يحصرها عامة الناس بالمال. في حين لم يرد هذا المعنى في كلام الإمام، بل الخير والنفع في رضا الله سبحانه وتعالى، وأن الغنى ليس بكثرة المال، بل برضا الله سبحانه. بدليل قوله عليه السلام: (الغنى والفقر بعد العرض على الله)([2]).
الهوامش:
([1]) وردت في العيون ص411 إلى حد (حلمك)، والدستور ص 140، والمنهاج 3/290، والحدائق 2/625، والترجمة 2/449، وشرح ابن أبي الحديد 18/ 250، وشرح البحراني 5/287، والمصباح ص599.
([2])لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص96.