كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
أقبل قوم من اليهود إلى أبي بكر الصديق، فقالوا له: يا أبا بكر صف لنا صاحبك؛ فقال: معاشر يهود، لقد كنت مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار كإصبعيّ هاتين، ولقد صعدتُ معه جبل حراء, وإنّ خنصري لفي خنصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )، ولكن الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شديد وهذا عليّ بن أبي طالب؛ فأتوا عليّاً فقالوا: يا أبا الحسن صف لنا ابن عمّك.
فقال علي ( عليه السلام ): «لم يكن حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالطّويل الذّاهب طولا، ولا بالقصير المتردّد ، كان فوق الرّبعة ، أبيض اللّون، مُشرب الحمرة، جعداً ليس بالقطط ، يفرق شعرته إلى اُذنيه, وكان حبيبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) صلت الجبين, واضح الخدّين، أدعج العين، دقيق المسربة، برّاق الثنايا، أقنى الأنف، عنقه إبريق فضّة، كأنّ الذّهب يجري في تراقيّه, وكان لحبيبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) شعرات من لُبّته إلى سُرّته كأنّهنّ قضيب مِسك أسود، ولم يكن في جسده ولا صدره شعرات غيرهنّ، على كتفيه كدارة القمر ليلة البدر، مكتوب بالنّور سطران: السّطر الأعلى: لا إله إلاّ الله ، وفي السّطر الأسفل: محمّد رسول الله, وكان حبيبي محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شثن الكفّ والقدم إذا مشى كأنّما يتقلّع من صخر، وإذا انحدر كأنّما ينحدر من صَبَب، وإذا التفت التفت بمجامع بدنه، وإذا قام غمر النّاس ، وإذا قعد علا على النّاس، وإذا تكلّم نصت له النّاس، وإذا خطب بكى النّاس, وكان حبيبي محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَرحم النّاس بالنّاس، كان لليتيم كالأب الرّحيم، وللأرملة كالزّوج الكريم, وكان محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أشجع النّاس قلباً، وأبذله كفّاً، وأصبحه وجهاً، وأطيبه ريحاً ، وأكرمه حسباً، لم يكن مثله ولا مثل أهل بيته في الأوّلين والآخرين, كان لباسه العباء ، وطعامه خبز الشّعير ، ووسادته الأدمَ محشوّة بليف النّخل، سريره اُمّ غيلان مزمّل بالشريط, كان لمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمامتان: إحداهما تدعى السّحاب والاخر العُقاب، وكان سيفه ذو الفقار، ورايته الغبراء، وناقته العضباء ، وبغلته دُلدل، وحماره يعفور، فرسه مرتجز، شاته بركة ، قضيبه الممشوق، لواءه الحمد، إدامه اللّبن، قِدره الدّبا تحيّته الشكر, يا أهل الكتاب كان حبيبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) يعقل البعير، ويعلف النّاضّح، ويحلب الشاة، ويرقع الثّوب ويخصف النّعل).
((تاريخ دمشق ج 54 ص 197 الرقم 6734 ، ترجمة محمّد بن عثمان ذخائر العقبى ص 146 ، مسند أحمد ج 1 ص 465 الرقم 684 ، مسند أحمد ج 1 ص 490 الرقم 746 ، الغدير ج 10 ص 7)) .