الباحث: سَلَام مَكّي خضَيّر الطَّائِي.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على خاتم النَّبيِّين، مُحَمَّد الصَّادق الأمين وعلى آله الطِّيّبين الطَّاهرين والغرّ المنتجبين، واللعن الدَّائم على أعدائهم وظالمي حقّهم إلى قيام يوم الدِّين.
أمَّا بعد:
فإنَّ الله تعالى فرض على الخلق اتّباع رسوله الكريم (صلَّى الله عليه وآله) وحبّه على البشرية أجمع، وفرض أيضاً اتّباع وصيِّه وابن عمّه الإمام عَلِيّ بن أبي طالب والعترة الطَّاهرة (عليهم السَّلَام) وحبّهم وطاعتهم، لأنَّ بهم النجاة يوم الفزع الأكبر، فمن أراد النجاة في ذلك اليوم فعليه التّمسّك بمن فرض الله تعالى علينا طاعتهم، إذ باتّباعهم وولايتهم توزن أعمال العباد، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾[1]، فالموازين هم الأنبياء والأولياء (عليهم السَّلَام)، ولابد للميزان أن يتكَوَّن من كفَّتين، فالكفة الأولى منه: لا إله إلا الله، وقسطاسه المرفوع: مُحَمَّد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قائماً بالقسط، وكفَّته الثانية: أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) وَلِيّ الله تعالى[2]، ومن ذلك ما نجده في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾[3]، قال الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَام): (السَّمَاء رسول الله والميزان عَلِيّ)[4].
وقال الله تعالى: (﴿وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾[5] أي: لا تجهلوا وتظلموا عَلِيَّاً عليه السَّلَام حقَّه وتجهلوه؛ لأَنَّ من جهل حقَّه ولم يعرفه لا ميزان له يوم القيامة ويصبح أمام الملأ من الخاسرين[6].
وأمَّا بخصوص قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾[7]، يُفهم مما تقدَّم أنَّ الكتاب والميزان هو الإمام عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام، لأَنَّهُ إن لم تكُنْ الولاية فلا دين ولا كتاب، وذلك لأَنَّ بولايته (عليه السَّلَام) يتمّ دِين الفرد وينعقد يقينه، فالميزان يوم القيامة للخلق هي ولايته، فإذا وضعت السّماوات والأرض وما بينهما، مقابل (لا إله إلا الله) فلا يقوم لها وزن، وإذا وضعت الولاية مقابلها وهي: عَلِيّ وَلِيّ الله فبها رَجَّحت كفَّة الميزان، لِأَنَّ ولايته (عليه السَّلَام) معها التَّوحيد والنّبوَّة، أي هي جامعة لسرّهما وخاتمة لهما.
فلو جاء الفرد يوم الحشر وفي وصحيفة أعماله مليئة بالأعمال الصَّالحة، وليس فيها ولاية الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) الَّتي هيّ كمال الدِّين ورَجْحُ الموازين لا بل كمال سائر الأديان، يصبح في صحيفته نقص ولا يرجح ميزانه، لِأَنَّ دين النَّبيّ مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله) كمال كل دين وختم كل شريعة للنَّبيِّين وتصدِيقًا للمرسلين وولاية الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) كمال هذا الدِّين، فكلّ دين ليس معه حُبّ الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) ولا ولايته فلا كمال له، وما لا كمال له ناقص والناقص لا يقبل ولا يوزن ولا يعرض، فقال الله تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾[8] والحق هو العدل، والحق والعدل هو الولاية، لأنَّ الحق الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) فمن كملت موازينه بولاية حُبّ أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) ربح الجنَّة وأفلح بها، والإشارة إلى ذلك ما قاله الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[9].
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يُديم علينا نعمة الولاية والإتّباع والطَّاعة للرَّسول (صلَّى الله عليه وآله)، ولآل بيته الأطهار (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، أنَّه سميعٌ مجيب.
الهوامش:
[1] سورة الأنبياء، الآية (47).
[2] ينظر: الأربعين في حبّ أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) لعليّ أبي معاش: 1/144.
[3] سورة الرَّحمن، الآية (7).
[4] مشارق أنوار اليقين للشَّيخ رجب البرسي الحلِّي: 93.
[5] سورة الرَّحمن، الآية (9).
[6] ينظر: مشارق أنوار اليقين للشَّيخ رجب البرسي الحلِّي: 93.
[7] سورة الشُّورى، الآية (17).
[8] سورة الأعراف، الآية (8).
[9] سورة الأعراف، الآية (8).