علي فاضل الخزاعي
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) وعلى آله الطيبين الطاهرين. وبعد...
يظن بعض الناس بأنهم لا يجدون طعم السعادة والنجاح؛ لأنهم مقيدون، بينما الواقع أنهم في كثير من الأحيان هم أكثر حرية من الآخرين؛ لأنهم أحرار في وقتهم، لا أحد يدخل عليهم إلا بإذنهم وإرادتهم، وهم يتصرفون يوميا كما يحلو لهم، وكما يريدون وهذه قمة السعادة.
فالنجاح هو توفيق إلهي للإنسان يحصل عليه عن طريق الإِشراف والاطلاع على القواعد التي تؤدي الى بلوغ غاية النجاح، وقد أبى اللّه أن يجري الأمور إِلاّ بأسبابها.
فالإنسان الذي زوّده الله عز وجل بكل مؤهلات الحضارة ولنيل النجاح والسعادة في الحياة قال تعالى: ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ))[1]. ووضع أمير المؤمنين رائد العلوم الإنسانية قواعد أساسية لبلوغ النجاح والسعادة وأول طرق النجاح في الحياة هو التفكر في إدارة الذات والتعامل مع النفس بفعالية؛ فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة»[2].
والنجاح لا نناله الا بسلم الثبات ولا نظفر به إلا عن طريق الجد والمثابرة وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لا تنالوا ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ولا تبلغوا ما تهوون الا بترك ما تشتهون))[3].
فالذي لا يحسن استغلال وقته أنى له أن يحقق أهدافه فضلا عن أن يكون ناجحا في عمره وحياته لأن من يفكر بالنجاح يصل إليه، فعن الإمام علي عليه السلام قال: «تفائل بالخير تنجح»[4].
والاخلاص أيضا يمثل مفتاح النجاح والتوفيق للإنسان في أعماله، وهو سر التأثير في الآخرين، فالإخلاص لله تعالى في العمل الذي هو غاية ما ينشده الإنسان ويبتغيه في حياته للوصول الى السعادة وعليه قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): (الدُّعَاءُ مَفَاتِيحُ النَّجَاحِ ومَقَالِيدُ الْفَلَاحِ وخَيْرُ الدُّعَاءِ مَا صَدَرَ عَنْ صَدْرٍ نَقِيٍّ وقَلْبٍ تَقِيٍّ وفِي الْمُنَاجَاةِ سَبَبُ النَّجَاةِ وبِالإِخْلَاصِ يَكُونُ الْخَلَاصُ فَإِذَا اشْتَدَّ الْفَزَعُ فَإِلَى اللَّه الْمَفْزَعُ)[5].
وكذلك من قواعد النجاح الأخلاق الحسنة أمام الآخرين فالنبي (صلى الله عليه وآله) هو منبع الاخلاق وفي قول له يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق)، لأن الإنسان بأخلاقه يكسب رضا الخالق والمخلوق ويتنعم بالنجاح والسعادة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: (لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى نارا ولا ثوابا ولا عقابا، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح)[6].
وعكس ذلك عندما يكون الشخص عديم الأخلاق كذاب لا يحترم أحدًا فهذا هو الفشل في حد ذاته ولا يذوق طعم النجاح والسعادة ابدًا؛ فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أبعد الناس من النجاح الكذوب ذو الوجه الوقاح)[7].
والتفكر المنهي عنه هو التفكر في غير الخير، فهو خسارة كون صاحبه يبتعد عن الذات النفسية ويكون تفكيره سلبيًّا وعدم الارتقاء بالكمال والوصول الى النجاح، فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «الفكر في غير الحكمة هوس»[8].
وعليه نرى أن من يرغب في بلوغ النجاح في حياته والسعادة في الدنيا فلا بد له من تقوى الله أولا والدعاء له سبحانه لبلوغ النجاح وكذلك التفكر في ذات النفس؛ لأن النفس إذا خرجت في غير ذات الله عز وجل فإنها تهوي الى منازل الشيطان، وكذلك التصميم والمثابرة على النجاح واستغلال الوقت لتحقق الأهداف المنشودة.
والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] - سورة النحل: الآية 18.
[2] - تفسير الرازي: 22/ 46.
[3] - النور الساطع في الفقه النافع، الشيخ علي كاشف الغطاء: 2/585.
[4] - عيون الحكم والمواعظ: 199.
[5] - الكافي، الشيخ الكليني: 2/ 468.
[6] - مستدرك الوسائل: ميرزا النوري الطبرسي: 11/193.
[7] - عيون الحكم والمواعظ، الواسطي: 114.
[8] - ميزان الحكمة، 3/2465.