الباحث: علي عباس فاضل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد:
أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال تعالى: (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([1])، والصلاة في هذه الآية على ما ذكرته الروايات الشريفة، أنها (اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)([2]).
ويدخل أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الصلاة من أمرين:
الأول: كونه نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما دل عليه قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)([3])، إذ تذكر أسباب النزول والروايات أن المقصود بقوله: (وَأَنْفُسَنَا) هو أمير المؤمنين (عليه السلام)([4]).
الآخر: هو ما جاء في الرواية من قوله: ( اللهم صل على محمد وآل محمد...) فأمير المؤمنين (عليه السلام) من المخصوصين بهذا القول كونه من آل محمد.
وقد خص رسول الله (صلى الله عليه وآله) أميرَ المؤمنين (عليه السلام) بحديث يبين فيه أن الملائكة تخصهم بالصلاة إذ روي (عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الملائكة صلت علي وعلى علي بن أبي طالب)([5])، وروي أيضًا:(إن الملائكة صلت علي وعلى علي سبع سنين قبل أن يسلم بشر)([6]).
وجاء في البحار (عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم يرفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله إلا مني ومن علي)([7]).
فقد كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما للنبي (صلى الله عليه وآله) من هذه الصلوات التي يؤديها الملائكة عليهما، وهذه الفضيلة خصت أمير المؤمنين (عليه السلام) وحده عمّن سواه من الخق، كيف لا وهو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنص الباري عز وجلّ.
وختاما: نسأل الله سبحانه أن يجعلنا مع رسول الكريم وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) وأن يرزقنا موالاتهم في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة، إنه سميع الدعاء.
يتبع...
الهوامش:
[1])) سورة الأحزاب: 56.
[2])) صحيح البخاري: 4/ 118، بحار الأنوار: 27/ 256، فرائد السمطين: 1/ 31.
[3])) سورة آل عمران: 61.
[4])) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم: 2/ 668، التفسير الكبير، الفخر الرازي: 8/ 248، تفسير ابن كثير: 2/ 55.
[5])) شرح إحقاق الحق، المرعشي: 16/ 457.
[6])) مناقب آل أبي طالب: 1/ 291.
[7])) بحار الأنوار: 38/ 226.