ثَائِرُون عَلَى خُطَى الإِمَامِ الحُسَين (عَلِيهِ السَّلَام) حَفِيدُه زَيدُ الشَّهِيدُ أنموذجًا

مقالات وبحوث

ثَائِرُون عَلَى خُطَى الإِمَامِ الحُسَين (عَلِيهِ السَّلَام) حَفِيدُه زَيدُ الشَّهِيدُ أنموذجًا

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-10-2019

البَاحِث: سَلَام مَكّيّ خَيّر الطَّائِيّ.
 الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد بن عبد الله وآله الغرّ الميامين الطَّيِّبين الطَّاهرين، والّلعن الدَّائم على أعدائِهم ومبغضيهم وناكري مكانتهم ومغتصبي حقّهم إلى قيامِ يوم الدِّين...
على مر العصور المنصرمة، لم نرَ أو نسمع بذريّة نبيّ من أنبياء الله تعالى، وقفوا بوجه الظّلم وحلَّ بهم ما حلّ بالهاشميّين ذرّيّة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، من أبناء الإمام عَلِيّ بن أبي طالب والسَّيِّدة الزَّهراء (عليهما السَّلَام)، فهذه الذّريَّة الطَّاهرة (عليهم السَّلَام)، هم هداة الأُمَّة إلى الصَّلاح وإلى الالتزام بتطبيق تعاليم الدِّين الإسلامي، ولا يرضخون للباطل ولا يقبلون بالظّلم الذي يحلّ بالأمَّة الإسلاميَّة عل يد حكَّامها الظَّالمين، ويحاربونه ويقفون بوجههِ وقفة واحدة مقتدين بثورة الإمام الحُسَين الشَّهيد بن الإمام عَلِيّ (عليهما السَّلَام)، ويسيرون على إثره بمواجهة الفساد والفجور والظّلم والباطل.
ومن هؤلاء الثّلَّة العلويَّة المُحَمَّديَّة الطَّاهرة الشَّهيد الثَّائِر السَّيِّد: زيد بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد (عليهما السَّلَام).
بطاقته الاجتماعيَّة:
اسمه ونسبه:
 هو السَّيِّد زيد بن عَلِيّ السَّجَّاد بن الحُسَين الشَّهيد بن عَلِيّ بن –عبد مناف- أبي طالب الهاشميّ، المدنيّ، الملقَّب بـ (زيد الشَّهيد)[1]، والمكنَّى بـأبي الحُسَين[2].
مولده ونشأته: وُلِد زيد (رضوان الله عليه) في حدود سنة ( 67هـ)، وأُمه أُم ولد ومناقبه أجل من أن تُحصى وفضله أكثر من أن يوصف[3]، ونشأ في حجر أبيه الإمام السّجَّاد (عليه السَّلَام)، وتخرّج عليه وعلى الامام أبي جعفر البَاقِر (عليهما السَّلَام)، وأخذ عنهما العلوم والمعارف وأسرار الأحكام، وكان عين إخوته بعد الإمام مُحَمَّد البَاقِر (عليه السَّلَام)، وأفضلهم[4].
مكانته العلميَّة والمعرفيَّة: كان فقيهاً، قارئاً، مناظراً، خطيباً، معروفاً بفصاحة المنطق، وسرعة الجواب، ووضوح البيان، ومن رواة الحديث الذين رووا الحديث عن أبيه الإمام السَّجَّاد (عليه السَّلَام)، وكان عابداً، ورعاً، سخياً، وكان يتّصف بالشجاعة، ذا إباء وشمم، لا يرضخ للظالم ولا يستسلم للباطل[5]، وقد عاصر الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادق (عليهما السَّلَام)، إذ روي عنه أنَّه قال: (جعفر إمامنا في الحلال والحرام)[6].
مّما ورد فيه من أقوال المعصومين (عليهم السَّلَام) وفي ثورته:
وقد ورد مدحه في روايات كثيرة عن الأَئمّة (عليهم السَّلَام)، وأشادوا به وبنهضته المباركة، لنصرته الحق، ودعوته إلى الإصلاح، وموالاته لأَئمّة العترة الطَّاهرة (عليهم السَّلَام)، قال الإمام الرّضا (عليه السَّلَام): (كان من علماء آل مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)...)[7].
ثورته المباركة ومشروعيتها:
بعد الظلم والويل الذي حدث في إبان الحكم الأموي الظَّالم وبعد فعلهم الدّنيء بقتل الإمام الحُسَين وأنصاره (عليهم السَّلَام)، هذا الفعل الأموي الذي أبقى قلوب المؤمنين متوقدة بالنيران على القتلة المجرمين من بني أمية ومن شايعهم، ولم يكتفوا بقتلهم ابن بت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بل استمرّ ظلم الحكّام الأمويين واحد يتبع الآخر، في التضييق وملاحقة العلويين (عليهم السَّلَام) وشيعتهم وأتباعهم، إلى أن وصل الحكم هشام بن عبد الملك الأموي، مع بقاء هذا الظّلم والتّشريد للعلويّين (عليهم السَّلَام) وشيعتهم، وظلمهم وسجنهم وقتلهم، فقد أبى الشبل العلويّ السَّيِّد زيد الشَّهيد (رضوان الله عليه) من أن يرى الباطل ولا يثأر ضدّه ويقف بوجهه.
 فقام زيد الشَّهَيد بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد (عليهما السَّلَام) بثورة اصلاحية ضد الظّلم والجور والحيف الذي وقع على الأُمَّة من جراء الحكم الأُموي، وكان ذلك في زمن حكم هشام بن عبد الملك، وكانت الثورة تهدف إلى الدَّعوة لتحكيم كتاب اللَّه تعالى وسنّة نبيّه (صلَّى الله عليه وآله)، وجهاد الظَّالمين، والدّفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، وإعطاء المحرومين، وتقسيم الفيء بين أهله بالسواء، وردّ الظَّالمين، ونصرة أهل البيت (عليهم السَّلَام) على مَن نصب لهم وجهل حقّهم، وإلى البِدَع أن تطفأ، وللأمر بالمعروف والنّهيّ عن المنكر، والطلب بثارات الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام)[8].
ولكن سرعان ما خدعه أصحابه في أمر الثورة وتخلُّوا عنه، فذهب (رضوان الله عليه) شهيدًا من أجل الحق ونصرة الإسلام على يد جلاوزة بني أميَّة –لعنهم الله -
أمَّا عن مشروعية الثورة المباركة: فكان ابن أخيه الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق (عليهما السَّلَام) قد وقف بجنبه في أمر الثورة، وكان (يحثّ الناس ويدفعهم لنصرة زيد الشَّهِيد والوقوف معه في ثورته ضدّ الحكم الأُموي، ولمّا استشاره بالخروج قال: ((ويلٌ لمن سمع واعيته  فلم يجب))، وكان يقول بعد استشهاده: ((رحم الله عمّي زيداً، إنّه دعا إلى الرضا من آل مُحَمَّد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه)).
وعندما بلغه مقتل زيد بكى عليه حتّى أبكى النساء من خلف الستور، وفرّق من ماله على عيال من أُصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار...)[9].
شهادته (رضوان الله عليه) وموضع قبره:
استشهد البطل الثَّائر زيد الشَّهِيد بن عَلِيّ السَّجَّاد (عليهما السَّلَام) في 2صفر من سنة (122 هـ) بعد قيامه بالثورة، وقد قتله عامل هشام بن عبد الملك الذي يدعى: يوسف بن عمر الثقفي –لعنه الله-[10]، وصُلب في كناسة الكوفة[11]، وبقي مدة طويلة ثم أنزل جسده الطَّاهر من قبل الأمويين، وأحرق وذروه في نهر الفرات، فالسَّلَام على زيد الشهيد يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يُبعث حيًّا، ولعن الله تعالى قاتليه إلى يوم يبعثون.
الهوامش:
[1] ينظر: موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلَام):2/ 222.
[2] ينظر: مسند زيد بن عَلِيّ (عليهما السَّلَام)، زيد بن عَلِيّ: 10.
[3] ينظر: المصدر نفسه: 10-11.
[4] ينظر: موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلَام): 2/ 223.
[5] ينظر: موسوعة طبقات الفقهاء (المقدّمة)، الشَّيخ السّبحاني: 2، /139، موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلَام): 2/223.
[6] موسوعة المصطفى  (صلَّى الله عليه وآله) والعترة (عليهم السَّلَام)، الحاج حسين الشاكري: 10/165.
[7] عيون أخبار الرِّضا (عليه الصَّلَاة والسَّلَام)، ج1، ص225.
[8] موسوعة المصطفى  (صلَّى الله عليه وآله) والعترة (عليهم السَّلَام): 10/164.
[9] يُنظر: المصدر نفسه: 10/165.
[10] مسند زيد بن عَلِيّ (عليهما السَّلَام)، زيد بن عَلِيّ: 10-11.
[11] ينظر: نظام الحكم في الإسلام، الشَّيخ المنتظري: 85.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3453 Seconds