الباحث: علي فاضل الخزاعي
الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصَّادق المحق وأذل الناكث المبطل والصَّلَاة والسَّلَام على خير خلقه محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) الصَّادق الأمين وعلى آله وصحبه الأطهار.
أما بعد...
فيستمر أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) على طول مدَّة وجود المعارض لولاية أهل البيت (عليهم السلام) في الدفاع وبذل الغالي والنفيس والاستشهاد في سبيل الدفاع عن هذه العترة الطاهرة، وخير من وفى بنفسه ودافع عن الحق، وبذل مهجته في نصرة أمير المؤمنين(عليه السلام): هو صاحب أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) التَّابعيّ زيد بن صوحان (رضوان الله تعالى عليه)، الذي أعطى ما أعطى في سبيل أمير المؤمنين (عليه السلام) فحريٌ علينا أن نكتب عن هذه الشخصيَّة المباركة التي تبركت بلقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ودافع معه حتى أستشهد رضوان الله تعالى عليه فهذه إطلالة موجزة عن شخصية وقفت في وجه الباطل ونصرة كلمة الحق.
هو زيد بن صوحان العبدي أخو صعصعة وسيحان ابني صوحان له صحبة وكان من الأبدال، ومن خواص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، شهد زيد وقعة الجمل مع أمير المؤمنين (عليه السلام) واستشهد يومئذ، وروي: أنه لما صرع جلس أمير المؤمنين (عليه السلام) عند رأسه وقال: (رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة، فرفع زيد رأسه إليه فقال: وأنت جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين فوالله ما علمتك إِلَّا بالله عليمًا وفي أم الكتاب عليًّا حكيمًا والله في صدرك عظيمًا)[1].
وروي في (الاستيعاب) و (الإصابة) و (أُسد الغابة) في ترجمته: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في مسير له إذ هوم فجعل يقول: (زيد وما زيد) وسئل عن ذلك فقال (صلى الله عليه وآله): (تسبقه يده إلى الجنة ثم يتبعها سائر جسده)[2].
كان زيد بن صوحان (رضوان الله تعالى عليه) يقوم الليل، ويصوم النهار، وإذا كانت ليلة الجمعة أحياها، فإن كان ليكرهها إذا جاءت ممَّا كان يلقى فيها، فبلغ سلمان، ما كان يصنع، فأتاه فقال: أين زيد؟ قالت: امرأته ليس هاهنا، قال فإنّي أقسم عليك لما صنعت طعامًا، ولبست محاسن ثيابك، ثم بعثت إلى زيد، قال فجاء زيد، فقرب الطَّعام فقال سلمان: كل يا زيد، قال إنّي صائم، قال: كل يا زيد، لا ينقص - أو تنقص - دينك، إن شرّ السّير الحقحقة[3] إن لعينك عليك حقًّا، وإن لبدنك عليك حقًّا، وإن لزوجتك عليك حقًّا، كل يا زيد، فأكل وترك ما كان يصنع[4].
وهو من التَّابعين، شهد وقائع الفتح فقطعت شماله يوم نهاوند، ولمّا كان يوم الجمل قاتل مع عليّ (عليه السلام)، حتّى قتل[5]، ولما استشهد يوم الجمل قال: لا تغسلوا عنى دما ولا تنزعوا عنى ثوبا فاني رجل محجاج أحاج يوم القيامة من قتلني[6].
وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وجلس عند رأسه فقال: رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤنة عظيم المعونة، قال: فرفع زيد رأسه ثم قال: وأنت يا أمير المؤمنين فجزاك الله خيرًا فوالله ما علمتك الا بالله عليما وفي أم الكتاب لعليا حكيما وان الله في صدرك لعظيم، والله ما قاتلت معك على جهالة ولكني سمعت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من (((من كنت مولاه فَعَلِيّ مولاه، اللهمّ والِ من والَاه وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله))، فكرهت والله ان أخذلك فيخذلني الله)[7]، والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] الغارات، إبراهيم بن محمد الكوفي: 2/894.
[2] ينظر: مصادر نهج البلاغة وأسانيده، عبد الزهرة الخطيب: 3/ هامش427.
[3] الحقحقة: شدّة السير، وشرّ السير الحقحقة هو إشارة إلى الرفق في العبادة، يعني عليك بالقصد في العبادة ولا تحمل على نفسك فتسأم. (لسان العرب:10/57).
[4] تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: 8/440.
[5] ينظر: الأعلام، الزركلي: 3/59 .
[6] ينظر: المبسوط، السرخسي: 2/50
[7] ينظر: وسائل الشيعة، الحر العاملي: 20/هامش202.