من تفسير الإمام علي (عليه السلام): سورة البقرة الحلقة الأولى

مقالات وبحوث

من تفسير الإمام علي (عليه السلام): سورة البقرة الحلقة الأولى

13K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 18-04-2021

بقلم: الدكتور خليل خلف بشير

((الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
مما روي عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام في تفسيره للقرآن الكريم ،هو تفسيره لبعض آيات سورة البقرة ، وهي على النحو الآتي: بسم الله الرحمن الرحيم  {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ  }- الآيتان 1و2 ، قال الإمام عليه السلام : ((كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : سحر مبين تقوله، فقال عز وجل : { ألم ذلك الكتاب }  أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلته عليك وهو بالحروف المقطعة التي منها ألف ولام وميم وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، فاستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } قال الله تعالى { ألم }  هو القرآن الذي افتتح بألم هو { ذلك الكتاب }  الذي أخبر به موسى ومن بعده من الأنبياء، وأخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد كتابا عربيا عـــزيزا {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [1] { لا ريب فيه }  لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا صلى الله عليه وآله ينزل عليه الكتاب يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم))[2] .
2-وفي قوله تعالى {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ}- الآية 7 ، قال عليه السلام : ((سبق في علمه أنهم لا يؤمنون فختم على قلوبهم وسمعهم، ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم، ألا تسمع إلى قوله {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ} ))[3].
3- وفي قوله {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ}- الآية19، قال عليه السلام : ((الرعد صوت الملك، والبرق سوطه))[4]. ويقول (عليه السلام) في موضع آخر، وقد ((سئل عن السحاب أين يكون؟ قال: يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه فإذا أراد الله عز وجل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته ووكل به ملائكة يضربون بالمخاريق، وهو البرق فيرتفع ثم قرأ هذه الآية: {وَالله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ } [5]والملك اسمه الرعد))[6].
4- قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } - الآية 29:((هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا  لتعتبروا به ولتتوصلوا به إلى رضوانه، ولتتوقوا به من عذاب نيرانه، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء } اخذ في خلقها واتقانها {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}  ولعلمه بكل شيء علم المصالح فخلق لكم كلما في الأرض لمصالحكم يا بني آدم))[7].
5- وفسّر سجود الملائكة لآدم في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} - الآية / 34، على أنه ليس سجود طاعة وعبادة وإنما اعتراف بالفضل لآدم حينما يسأله يهودي مقارناً بين آدم والنبي محمد (صلى الله عليه وآله) في الرواية الآتية ((قال اليهودي: هذا آدم عليه السلام أسجد الله له ملائكته، فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، أسجد الله لآدم ملائكته فإن سجودهم له لم يكن سجود طاعة، وإنهم عبدوا آدم من دون الله عز وجل، ولكن اعترافا بالفضيلة، ورحمة من الله له، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عز وجل صلى عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبد المؤمنين بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي))[8].[9].

الهوامش:
[1]-   الآية 42 من سورة فصلت.
[2]- بحار الأنوار 9/173.
[3]- مجمع البحرين 1/622، والآية (ولو علم الله فيهم خيراً... -  الأنفال /23).
[4]-  من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق 1/526.
[5]-  الآية 9 من سورة فاطر.
[6]-  الكافي 8/218.
[7]-  تفسير نور الثقلين : 1/46.
[8]- الاحتجاج 1/315.
[9]لمزيد من الاطلاع ينظر: من النتاج الفكري لأمير المؤمنين عليه السلام تفسيره المغيب للقرآن الكريم وادعيته العلوية للدكتور خليل خلف بشير، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 62 –64.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2787 Seconds