بقلم الباحث: سَلَام مَكّي خضيّر الطَّائيّ
الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الأنبياء والمُرسلين، أبي القاسِمِ مُحَمَّدٍ وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، والغرّ الميامين المُنتَجَبِين...
أمَّا بعد:
لقد حصلت معجزات كثيرة في العصر النبوي الشريف ومن هذه المعاجز التي حدثت، هي: ولادة وصيّه الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) في جوف الكعبة، وإن ولادته (عليه السَّلَام)، في الكعبة المشرفة، أمر صنعه الله تعالى له، لأنه يريد أن تكون هذه الولادة رحمة للأمة، وسبباً من أسباب هدايتها، وهي ليست أمراً صنعه الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) لنفسه، ولا هي مما سعى إليه الآخرون، ليمكن اتهامهم بأنهم يدبرون لأمر قد لا يكون لهم الحق به، أو اتهامهم بالسعي لتأييد مفهوم اعتقادي، أو لواقع سياسي، أو الانتصار لجهة أو لفريق بعينه، في صراع ديني، أو اجتماعي، أو غيره، وهذا الحدث فقد تواترتِ فيه الأخبار والأحاديثُ من كلا الفريقينِ في ولادةِ الإمامِ عَلِيّ (عليه السَّلَام) في جوفِ الكعبةِ المُشرّفة، وباتتْ تزخرُ بها بطونُ المدونات والكتبِ وتتزيّنُ بها مجالسُ المُحبين.
ولم يسبق الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) بالولادة في جوف الكعبة قبل الإسلام وبعده غيره (عليه السَّلَام).
وهذه المنقبة والفضيلة للإمام (عليه السَّلَام) في السَّبق في الولادة داخل بيت الله الحرام، ذكرت في مدونات الفريقين من أبناء العامَّة والخاصَّة، فمن الروايات الواردة في مدونات وكتب أبناء العامة: ما ذكره الحاكم في المستدرك على الصحيحين: (وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ([عليه السَّلَام]) في جوف الكعبة)[1].
وذكر أيضًا سبط ابن الجوزي حول ولادته الشريفة: (وروي أن فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي [(عليه السَّلَام)] فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضتعه فيها)[2].
ومنهم أيضًا: الشبلنجي وابن الصبّاغ المالكي والكنجي الشافعي: (ولد عَلِيّ (عليه السَّلَام) بمكّة داخل البيت الحرام يوم الجمعة ثالث عشر من رجب (13 رجب) الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصه الله تعالي بها إجلالًا له وإعلاءً لمرتبته وإظهارًا لتكرمته)[3].
ومن أبناء الخاصة الذين ذكروا فضيلة ولادته (عليه السَّلَام) في جوف الكعبة المشرَّفة، وإنه لم يسبقه (عليه السَّلَام) أحد في الولادة فيها: الشيخ المفيد، إذ إنه قال: (ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراما من الله تعالى له بذلك وإجلالا لمحله في التعظيم)[4].
وكذلك ابن البطريق من مفکري الإمامية ايضًا يقول: (ولد بمكة في بيت الله الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل يوم الجمعة الثالث عشر من رجب، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه، منا من الله سبحانه وتعالى عليه بذلك واجلاء لمحله في التعظيم)[5].
وإلى هنا نختم مقالنا هذا عن ولادة وصي رسول إله العالمين (صلَّى الله تعالى عليه وآله) الإمام (عَلِيّ عليه السَّلَام)، ونسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا بدوام الموالاة للنَّبيّ وآل بيته الأطهار (صلوات الله تعالى عليه وعليهم أجمعين) أمثالًا وطاعةً إلى أمر الله تعالى بطاعتهم وموالاتهم (عليهم السَّلَام).
الهوامش:
[1] المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري: 3/550.
[2] تذکرة الخواص، سبط ابن الجوزي: 10.
[3] ينظر: نور الإبصار في مناقب آ بيت النبي المختار (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، الشبلنجي: 158، الفصول المهمة ، ابن الصبّاغ: 29، كفاية الطالب، الكنجي الشافعي 407.
[4] الإرشاد، الشيخ المفيد: 1/5.
[5] عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الأبرار، ابن البطريق: 24.