بقلم: الدكتور علي الفتال .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الاخيار الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم والناصبين لهم العداء الى قيام يوم الدين.
أما بعد: إنّ مما أنماز به شرح ابن أبي الحديد المعتزلي هو استشهاداته الشعرية الكثيرة والتي سنفرد لها فصولا بحسب مواردها وتسلسل الأحداث الزمنية لا سيما فيما أرتبط بالسيرة النبوية وسيرة أمير المؤمنين عليه السلام ، وشؤونه العلمية والفكرية ، فضلا عما أرتبط بالأحداث التي رافقت مسيرة الإسلام، وهي على النحو الآتي:
الحلقة الأولى: أستشهاداته بشعر أبي طالب عليه السلام.
قال أبو طالب عليه السلام يذكر ما اجتمعت عليه قريش من حربه لما قام بنصرة محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم (14/55):
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتى أوسدَّ في التراب دفينا |
فأنفذ لأمرك ما عليك مخافة |
|
وأبشر وقرَّ بذاك منه عيونا |
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي |
|
ولقد صدقت وكنت قبل أمينا |
وعرضت ديناً قد علمت بأنه لولا الملامة أو حذاري سبةً |
|
من خير أديان البرية دينا لوجدتني سمحاً بذاك مبينا |
أرقت وقد تصوبت النجوم |
|
وبت ولا تسالمك الهموم |
لظلم عشيرة ظلموا وعقوا |
|
وغب عقوقهم لهمُ وضيم |
همُ انتهكوا المحارم من أخيهم |
|
وكل فعالهم دنس ذميم |
وراموا خطةً جوراً وظلما |
|
وبعض القول ذو جنف مليم |
لتخرج هاشماً فتكون منها |
|
بلاقع بطن مكة فالحطيم |
فمهلاً قومنا لا تركبونا |
|
بمظلمة لها خطب جسيم |
فيندم بعضكم ويُذلُّ بعض |
|
وليس بمفلحٍ أبداً ظلوم |
أرادوا قتل أحمد زاعميه |
|
وليس بقتله منهم زعيم |
ودون محمدٍ منا نديٌّ |
|
هم العرنين والعضو الصميم |
وقالوا لأحمد أنت أمرؤٌ |
|
خلوف الحديث، ضعيف السبب |
وإن كان أحمد قد جاءهم |
|
بصدقٍ ولم يأتهم بالكذب |
فأنا ومن حج من راكب |
|
وكعبة مكة ذات الحجب |
تنالون أحمد أو تصطلوا |
|
ظبات الرماح وحدَّ القضب |
ونغترفوا بين أبياتكم |
|
صدور العوالي وخيلاً شُزُب |
تراهن من بين ضافي السبيب |
|
قصير الحزام طويل اللبب |
عليها صناديد من هاشم |
|
هم الأنجبون مع المنتجب |
ألا أبلغا عني لؤياً رسالة |
|
بحقٍ وما تغني رسالة مرسل |
بني عمنا الأدنين فيما يخصهم |
|
وإخواننا من عبد شمس ونوفل |
أظاهرتمُ قوماً علينا سفاهةً |
|
وأمراً غوياً من غواة وجهّل |
يقولون لو إنا قتلنا محمداً |
|
أقرّت نواحي هاشم بالتذلل |
كذبتم ورب الهدى ترمى نحوره |
|
بمكة والبيت العتيق المقبل |
تنالونه، أوتصطلوا دون نيله |
|
صوارم تغري كل عضو ومفصل |
فمهلاً ولما تنتج الحرب بكرها |
|
نجيل تمام أو بآخر معجل |
وتلقوا ربيع الأبطحين محمداً |
|
على ربوة في رأس عنقاء عيطل |
وتأوي إليه هاشم أن هاشماً |
|
عرانين كعب آخر بعد أول |
فأن كنتم ترجون قتل محمدٍ |
|
فروموا بما جمعتم قتل يذبل |
فأنا سنحميه بكل طمرّةٍ |
|
وذي مبعة نهدا المراكل هيكل |
وكل رديني ظماء كعوبه |
|
وعضب كأيماض الغمامةِ مفصل)[1] |
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج2، ص 21-23.