بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
ورد حديث أمير المؤمنين(عليه السلام): ((لَا يُذفّف على جريح وَلَا يُتبَع مُدْبر))[1]. قال ابن دريد: ((ذفف على الرجل وذف عَلَيْهِ إِذا أجهز عَلَيْهِ وَقد قيل بِالدَّال وَهُوَ الأَصْل.فَأَما الذف فَهُوَ السرعة فِي كل مَا أَخذ فِيهِ...)) [2]. ويُقَال: ذفَفْتُ عَلَيْهِ تَذْفيفاً إِذا أجهزتَ عَلَيْهِ ودَفَّفَ عَلَى الجَريح كَذَفَّفَ: أَجْهَزَ عَلَيْهِ، وتذفِيفُ الجَرِيح: الإِجْهازُ عَلَيْهِ وتَحْرِيرُ قتِله[3].
ذكر ابن سلام ثلاث لغات وهي: (( فليدافِّه... يَعْنِي لِيُجْهِز عَلَيْهِ يُقَال مِنْهُ: قد داففتُ الرجل دِفافا ومُدافّة وَهُوَ إجهازُك عَلَيْهِ،...، وَفِيه لُغَة أُخْرَى: فليُدافِه مُخَفّفَة يُقَال مِنْهُ: دافيتُه وَهُوَ فِيمَا يُقَال لُغَة جهينة وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع...، وَفِيه لُغَة أُخْرَى ثَالِثَة بِالذَّالِ يُقَال: ذَفّفتُ عَلَيْهِ تذفيفا إِذا أجهزتَ عَلَيْهِ وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أنَّه نَادَى مناديه يَوْم الْجمل لَا يُذفّف على جريح وَلَا يُتبَع مُدْبر)) [4].قال الثعالبي: (( من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مكان بعض في قولهم: مَدَحَ وَمَدَهَ وَجَدَّ وَجَذَّ، وفي قولهم: صِراط وسِراط))[5]. فقوله (عليه السلام)في التركيب الغريب(لَا يُذفّف على جريح)،أي: لَا يُجْهَز عَلَى جَرِيح، ولا يسرع في قتله[6]. ويلحظ هناك تشابه بين الحديثين في معنى التركيب (لَا يُذفّف على جريح)، والآخر(لَا يُجْهَز عَلَى جَرِيحهم) )[7].
الهوامش:
[1] غريب الحديث: ابن سلام: 4/33، وينظر: غريب الحديث: الخطابي: 2/181، والفائق في غريب الحديث: 2/11، و غريب الحديث، ابن الجوزي: 1/341، والنهاية في غريب الحديث: 2/162.
[2] جمهرة اللغة: (ذف ف)1/117.
[3] ينظر: تهذيب اللغة: 14/52، ولسان العرب: (ذفف)9/110، ومجمع البحرين: (ذفف)5/60.
[4] غريب الحديث: ابن سلام: 4/33،وينظر: تهذيب اللغة: 14/52، والفائق في غريب الحديث: 2/11، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2/162.
[5] فقه اللغة وسر العربية: 263.
[6] ينظر: المخصص: 4/215.
[7] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 100-101.