بقلم: د. جليل منصور العريَّض
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
دخل أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام الكوفة «يوم الاثنين لإثنتي عشرة مضت من رجب سنة ست وثلاثين»([1]) ليتخذها عاصمة له فاستقبله القراء والأشراف([2]) واهل السواد([3])، فاستطاع من تلك اللقاءات ان يستطلع الوضع عن كثب ويتعرف على مجريات الأمور، إذ كان يدرك تململ الناس من السيادة العربية، واستئثار الاشراف بالأموال دون الفقراء، والعسف في استخراجها من أهل السواد، وما السبب في مقتل عثمان، الا استئثار بني أمية بالأموال دون غيرهم([4])، ثم إن ثورة أهل الجمل المفتعلة ومناهضتهم إياه، الا لأنه أراد أن يحرمهم الامتيازات التي استأثروا بها ويساويهم بعامة المسلمين في الحقوق والواجبات([5]) فإذا ما نحن استقرانا فكره بشأن طبقات مجتمع الكوفة، فسنجد انه قد كان على دراية تامة بمشاكل كل فئة وما يداخل نفوس أبنائها من آمال وآلام، وقد حاول أن يضع النقاط على الحروف بالحد من غلواء المتمادين، والوقوف بجانب حقوق المستضعفين، فكان معه «العبيد والموالي والأعراب والمحرومون. وهؤلاء كانوا خائفين متبرمين لا يرضون عن حظهم من العيش»([6]). وحتى يحقق علي عليه السلام الانسجام الذي يتوخاه لذلك المجتمع، فقد استخدم أسلوب الاصلاح التدرجي. فبدأ أولاً بمعالجة داء العصبية المستشري في اعضاء الزعامة القبلية.)([7]).
الهوامش:
([1]) ابن مزاحم ـ صفين ص 3.
([2]) السابق ص 3.
([3]) المصدر السابق ص14.
([4]) راجع ص 230 وما بعدها من هذا البحث.
([5]) راجع ص 148 وما بعدها من هذا البحث.
([6]) النعمان القاضي ـ الفرق الإسلامية في الشعر الأموي ص 47.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 380-381.