مولد قمر بني هاشم (عليه السَّلَام)
الباحِث: سَلَام مَكيّ خضيّر الطَّائيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين، واللّعن الدَّائم على أعدائهم إلى قيامِ يوم الدِّين...
أمَّا بعد...
فإن الحديث عن قمر بني هاشم (عليه السَّلَام)، حديث طويل لا يتحدَّد بهذه السطور القليلة، لما يملكه من منزلة رفيعة ومكانة عظيمة عند الله تعالى، ولكن خصصنا في هذا الموضوع أن نتحدَّث عن مناسبة مولده العظيمة بشكلٍ مختصر، فهو رمز الوفاء والتَّضحية والفداء، فكانت البشارة بمولده (عليه السَّلَام)، في اليوم الرَّابع من شهر شعبان المبارك لسنة 26للهجرة النَّبويَّة المباركة[1]، وكانت هذه المناسبة لها ميزة خاصَّة، ففيها ابتهج الكون فرحًا وسرورًا، وشع نوره (عليه السَّلَام)، وأشرقت الدّنيا بولادته، وقد ازدهرت يثرب، وسرت موجات من الفرح والسُّرور وغمرت أفراد أسرة البيت الهاشمي العلويّ، فقد وُلِد قمرهم (قمر بني هاشم عليه السَّلَام)[2]، المشرق الذي أضاء سماء الدّنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجدًا خالدًا وذكرًا نديًّا عاطرًا، فكان أوَّل مولود زكيّ للسيِّدة الطَّاهرة الجليلة أم البنين (عليها السَّلَام)[3]، وولِد بمولده الوفاء والتّضحية، وكان (عليه السَّلَام)، خير مثالًا للأخوَّة وخير مضحيًا من أجلها، وهذا ما لوحظ في يوم الطّفوف مع أخيه الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام)، وأخته جبل الصَّبر السَّيِّدة زينب الحوراء (عليها السَّلَام).
وحينما بشر الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام)، بهذا المولود المبارك سارع إلى الدَّار فتناوله، وأوسعه تقبيلًا، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشَّرعيَّة، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، فكان أَوَّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه (عليه السَّلَام)، رائد الإيمان والتّقوى في الأرض، وارتسمت هذه الكلمات العظيمة ورُسِخت، التي هي رسالة الأنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل العبَّاس (عليه السَّلَام)، وانطبعت في داخل ذاته.
وقام الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، في اليوم السَّابع من ولادة أبي الفضل (عليه السَّلَام)، بحلق شعر رأسه، وتصدّق بزنته ذهبًا أو فضَّة على المساكين وعقّ عنه بكبش كما فعل ذلك مع الحَسَن والحُسَين (عليهما السَّلَام) عملا بالسّنّة[4].
اسمه (عليه السَّلَام):
إنَّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام)، قام بتسمية وليده المبارك (بالعبَّاس)، وقد استشف من وراء الغيب أنه سيكون بطلا من أبطال الإسلام[5].
كنيته (عليه السَّلَام): كان يُكنَّى العبّاَس بن أمير المؤمنين (عليهما الصَّلَاة والسَّلَام)، بأبي الفضل، فكان الفضل مصدره الأساسي هو العبَّاس بن أمير المؤمنين (عليهما السَّلَام)، فقال الشاعر في حقِّه (عليه السَّلَام):
أبا الفضل يا من أسس الفضل والإبا * أبي الفضل الا ان تكون له أبا[6].
من ألقابه (عليه السَّلَام): لأبي الفضل العبَّاس (عليه السَّلَام)، العديد من الألقاب فمنها: السَّقّاء أو(ساقي عطاشا كربلاء)، وحامل لواء الإمام الحُسين (عليه السَّلَام)[7].
ومنها أيضًا: أنَّه (عليه السَّلَام)، كان يلقَّب بـ(قمر بني هاشم)، فكان العبَّاس (عليه السَّلَام) في روعة بهائه، وجميل صورته آية من آيات الجمال، ولذلك لقّب (عليه السَّلَام) بـ(قمر بني هاشم)، فكما كان قمرًا لأسرته العلويّة الكريمة (عليهم السَّلَام أجمعين)، فقد كان (عليه السَّلَام)، قمرًا في دنيا الإسلام، وغيرها العديد من الألقاب الأخرى التي لُحقت به (عليه السَّلَام)، ولُقّب بها[8].
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الموالين والمحبّين لآل بيت النَّبيّ المُصطفى (عليه وعليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، وأن الحمدُ لله ربّ العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الغرّ الميامين، واللّعن الدَّائم على أعدائهم إلى قيامِ يوم الدّيِن.
الهوامش:
[1] ينظر: شهداء أهل البيت (عليهم السَّلَام)، قمر بني هاشم (علليه السَّلَام)، الحاج حسين الشاَّكريّ: 15.
[2] مقاتل الطَّالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني: 56.
[3] ينظر: شهداء أهل البيت (عليهم السَّلَام)، قمر بني هاشم (علليه السَّلَام)، الحاج حسين الشاَّكريّ: 14.
[4] ينظر: المصدر نفسه: 14-15.
[5] ينظر: المصدر نفسه: 16.
[6] أعيان الشِّيعة، السَّيِّد مُحسن الأمين: 6/443.
[7] ينظر: مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب: 3/256.
[8] مقاتل الطَّالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني: 56، ينظر: شهداء أهل البيت (عليهم السَّلَام)، قمر بني هاشم (عليه السَّلَام)، الحاج حسين الشاَّكريّ: 18-19.