الباحث: علي عباس فاضل
الحمد لله والحمد حقه على عباده، والصلاة والسلام على خير الأنام، أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد:
يشتاق المحب إلى محبوبه فيتمنى أن يكون قريبا منه في كل وقت وحين، فكيف إذا كان هذا المشتاق والمحب هو الملائكة، فلمن يشتاق الملائكة وكيف؟
روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه (لمّا عُرج بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى السماء ، رأى ملَكاً على صورة عليّ (عليه السلام) حتى لا يفاوت منه شيئا فظنه عليّا .. فقال: يا أبا الحسن !.. سبقتني إلى هذا المكان ؟.. فقال جبرائيل:
ليس هذا علي بن أبي طالب !.. هذا ملَك على صورته ، وإن الملائكة اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب (ع) فسألوا ربهم أن يكون من علي صورتَه فيرونه)([1]). وكان الملائكة المقربين حينما يشتاقون الى علي (عليه السلام) يزورون هذا الملك شوقا الى وجه علي (عليه السلام)([2]).
وهذا يدل على تعلق الملائكة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحبهم له، حتى طلبوا من الباري عز اسمه أن يجعل بينهم ملكا على هيأة أمير المؤمنين (عليه السلام) يمتعوا به أنظارهم لشدة حبهم له.
وقد روي عن إبن عباس قال: (كنّا جلوساً مع النّبي (صلى الله عليه وآله) إذ دخل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال عليّ: السّلام عليّك يا رسول الله. قال: وعليّك السّلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقال عليّ: تدعوني بأمير المؤمنين وأنت حي يا رسول الله؟. فقال: نعم وأنا حي، إنك يا عليّ مررت بنا أمس وأنا وجبريل في حديث، ولم تسّلم فقال جبريل: ما بال أمير المؤمنين مرّ بنا ولم يسلّم، أما والله، لو سلم لسررنا ورددنا عليه السّلام.
فقال عليّ: يا رسول الله، رأيتك ودحية استخليتما في حديث، فكرهت أن أقطعه عليّكما.
فقال له النّبي (صلى الله عليه وآله): إنه لم يكن دحيّة، وإنما كان جبريل (عليه السلام).
فقلت: يا جبريل، كيف سمّيته أمير المؤمنين؟.
فقال: كان الله تعالى أوحى إلي في غزوة بدر أن اهبط على محمّد (صلى الله عليه وآله) فمره أن يـأمر أمير المؤمنين عليّ بـن أبي طالب أن يجول بين الصفّين، فإن الملائكة يحبّون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصّفين فسمّاه الله تعالى في السّماء أمير المؤمنين ذلك اليوم.
فأنت يا عليّ أمير من في السّماء، وأمير من في الأرض، وأمير من مضى، وأمير من بقى، فلا أمير بعدك، ولا أمير قبلك، لأنه لا يجوز لأحد أن يسمى بهذا الاسم من لم يسمّ الله تعالى)([3]).
هكذا كان الملائكة في حبهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) في مواقفه جميعا، فهم يحبون النظر إليه وهو يدافع عن دين الله ويقاتل أعدائه ويذود عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).
وقد كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وحوارييه من يشتاق إليه كاشتياق الملائكة، إذ جاء (أنه كان الناس يصلون وأبو ذر ينظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقيل له في ذلك، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في المصحف عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة(، وقال أبو ذر قال النبي (صلى الله عليه وآله): مثل علي فيكم - أو قال: في هذه الأمة - كمثل الكعبة المستورة، النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة)([4]).
وفي الختام: نسأل الله تعالى أن يجعلنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدنيا والآخرة، ومن الناظرين إليه والمشتاقين للقائه يوم الورود على الحوض، إنه سميع الدعاء.
يتبع
الهوامش:
[1])) مناقب آل أبي طالب: 2/ 73، بحار الأنوار: 39/ 98.
[2])) مدينة المعاجز، هاشم البحراني: 2/ 311.
[3])) مائة منقبة لإبن شاذان: المنقبة السادسة والعشرون، بحار الأنوار ج37 ص307 ح36.
[4])) مناقب آل أبي طالب: 2/ 5، بحار الأنوار: 38/ 199.