الباحث: محمد حمزة عباس
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد الخلق أجمعين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد
لم يترك نبي الرحمة يوم غدير خم أي عذر للناس (قالت سيدة النساء فاطمة (عليها السلام)، لما منعت فدك وخاطبت الأنصار، فقالوا: يا بنت محمد لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر ما عدلنا بعلي أحدا، فقالت: وهل ترك أبي يوم غدير خم لأحد عذرا)[1].
فلا عذر لهم بعدما سمعوا كلام الله ورسوله وقد صرح الكتاب بذلك اليوم إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[2].
حيث نصبه سبحانه عن لسان نبيه مولاً لكل مؤمن ومؤمنة فهو إمام مفترض الطاعة على جميع الخلق وهذا التتويج كان نصرة لأمير المؤمنين (عليه السلام) لما قدمه للإسلام من تضحيات حتى استقام الدين بسيفه.
يروى عن محمد القبطي قال: (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول الناس: اغفلوا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، في علي في يوم غدير خم كما أغفلوا قوله يوم مشربة أم إبراهيم، أتى الناس يعودونه فجاء علي (عليه السلام) ليدنو من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم يجد مكانا فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنهم لا يفرجون لعلي (عليه السلام) قال يا معشر الناس هذا أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم أما والله لئن غبت فإن الله لا يغيب عنكم إن الروح والراحة والرضوان والبشرى والحب والمحبة لمن أئتم بعلي وتولاه وسلم له وللأوصياء من بعده حق علي أن أدخلهم في شفاعتي لأنهم اتباعي فمن تبعني فإنه مني مثل جرى في إبراهيم لأني من إبراهيم وإبراهيم مني وديني دينه وسنتي وفضله فضلي وأنا أفضل منه وفضلي له فضل تصديق قول ربي {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[3]، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قد أثبت رجله في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس)[4].
فكل ما جرى على النبي والوصي والعترة الطاهرة من جور الظالمين كان حسداً لهم إذ لم يرضوا لهم أن تكون فيهم النبوة والإمامة حتى أظهر الله ضغائنهم ففعلوا ما فعلوا بعترة نبيهم.
وقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصيه عن افتراق الأمة من بعده لذلك صبر على تلك المحنة ليبقى الإسلام عامراً.
جاء في الأخبار بعد بيعة القوم لأبي بكر أن الإمام علي (عليه السلام) أخرج فاطمة الزهراء والحسن والحسين فدار بهم بين بيوت رؤساء الأنصار فلما سمعوا كلام الزهراء قالوا لها (لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر ما عدلنا بعلي أحدا) فأجابتهم أن النبي لم يترك يوم الغدير حجة عليكم.
وفي خبر انها (عليها السلام) قالت: (أنسيتم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خمّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه؟)[5].
ومن خطاب لها لقوم وقفوا لأخذ البيعة من أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت لهم: (لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم! تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم فيما بينكم، ولم تؤمِّرونا ولم تروا لنا حقّاً، كأنّكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خمّ، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء، ولكنّكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة)[6].
فقد دافعت الزهراء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى استشهدت وقد أدت ما عليها من الحقوق حتى لحقت بأبيها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
الهوامش:
[1] - الخصال: 173.
[2] - المائدة: 67.
[3] - آل عمران: 34.
[4] - فضائل الشيعة، الشيخ الصدوق: 32 – 33.
[5] - موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، محمد الريشهري: 2 / 318.
[6] - المصدر نفسه.